روابط المواقع القديمة للحزب
كلمة الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني ذيميتريس كوتسوباس في لقاء الأحزاب الشيوعيةوالعمالية لمنطقة شرق المتوسطالبحر الأحمر والخليج المنعقد يوم الخميس 20 حزيران/يونيو 2013
بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني عُقد في أثينا يوم الأمس 20 حزيران/يونيو 2013 لقاءٌ إقليمي لأحزاب شيوعية و عمالية من الأردن و إيران و إسرائيل و الجزائر و سوريا و فلسطين و قبرص و لبنان و تركيا و اليونان. حيث نوقش خلال أعمال اللقاء المذكور الوضع الخطر المتشكل في إقليمنا. و قد أفتتح أعمال اللقاء الرفيق ذيميتريس كوتسوباس الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني بكلمة استهلالية نرفق أدناه نصها:
أيها الرفاق الأعزاء ،
يرحب بكم الحزب الشيوعي اليوناني في أثينا في أعمال لقاء الأحزاب الشيوعية والعمالية لمنطقتنا. ونحن نشعر بسرور و شرف كبير عند استقبالنا لكم لمرة أخرى هنا في أثينا، في ظل ظروف صعبة للغاية بالنسبة لشعب اليونان و أزمة اقتصادية عميقة مديدة. في ظل ظروف صعبة أيضا لجميع شعوب المنطقة.
تعيش اليونان للعام الخامس على التوالي أزمة رأسمالية، في حين تحتدم في المنطقة الأوسع تناقضات إمبريالية بينية، وتدخلات امبريالية مع خطر نشوب حرب إمبريالية معممة، و هو ما يشهد لشعوب العالم عن حقيقة كبيرة هي : تماشي الأزمة الرأسمالية مع الحرب الإمبريالية جنبا إلى جنب.
و تزيد التناقضات الإمبريالية البينية في المنطقة من مخاطر اندلاع صدامات عسكرية محلية ستتخذ نطاقا أوسع، ما دام جوارنا هو مسرح لتصادم المراكز و التكتلات الإمبريالية في ظروف أزمات متعاقبة جارية و ظروف تعمق الأزمة في نواة هذه المراكز، كما هو الحال في منطقة اليورو و غيرها.
فالنظام الرأسمالي المتواجد الآن في مرحلته الإمبريالية العليا والأخيرة، هو عاجز خصوصا عن تقديم أي شيء إيجابي للعمال والشعوب، سوى تكثيف الاستغلال الطبقي والإضطهاد والهمجية الفجة والأزمات الاقتصادية والحروب .
و في نفس الحين تتطور في منطقتنا نضالات كبيرة للعمال و الشرائح الشعبية والشباب، على مدى السنوات الأخيرة، مستهدفة الدفاع عن الحقوق الأساسية التي يتم إلغائها، عبر نضال شاق لها ضد تداعيات الأزمة الرأسمالية، و محاولات رأس المال والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والحكومات البرجوازية الساعية لتحميل عبء الأزمة على عاتق الطبقة العاملة من اجل إنقاذ ربحية الاحتكارات، كما هو الحال في اليونان وغيرها من البلدان.
كما و تضع الحركات الشعبية في المنطقة أيضا ضمن استهدافها، الأنظمة الضد شعبية كتلك الموجودة في مصر وتونس، التي امتلكت لسنوات عديدة دعم الطبقة البرجوازية والإمبرياليين، و مختلف أجهزة رأس المال ﻜ "الاشتراكية الدولية". أو كما في تركيا حيث تستهدف الحركات هناك التصدي لعنف الدولة و لقمعها الممارس من قبل حكومة أردوغان و في التصدي لسياسة العثمانية الجديدة التي أنزلت إلى شوارع العديد من المدن الكبرى لبلدنا الجار ملاييناً من الناس البسطاء الذين نعرب اليوم من أثينا عن تضامننا معهم و مع الحزب الشيوعي التركي.
و في بلدان أخرى مثل سوريا ولبنان تحاول الشعوب عن جديد مع بندقيتها في يدها، مواجهة التدخلات الامبريالية الفجة، ومخططات الولايات المتحدة وإسرائيل و غيرها من القوى.
إن كل هذا يُظهر أن الشعوب لا تستسلم، فهي تكافح و تصطدم. و لكن للأسف، ليس دائما بالحسم اللازم و وفقاً للاتجاه الذي تتطلبهما تطورات حقبتنا المعاصرة.
في هذه الظروف المعقدة، ترتبط على نحو متزايد شعارات " أيها العامل أنت قادر على العيش بلا أسياد فلا شيء يدور – يعمل من دونك!" و "إن القانون هو حق العامل لا أرباح الرأسمالي" التي تصدح بها في السنوات الأخيرة أصوات هتافات المظاهرات الإضرابية في اليونان، مع شعار "لا لمنح أرض أو مياه لقتلة الشعوب" الذي يهتف به المتظاهرون خارج قاعدة الولايات المتحدة والناتو في سوذا، مطالبين عبر ذلك بفك ارتباط بلدنا عن مخططات الامبريالية، لمنع استخدام المجال الجوي لبلادنا وأراضيها و بحارها في نطاق الحرب الإمبريالية ضد سوريا و إيران، و ضد الشعوب الأخرى في المنطقة.
أيها الرفاق الأعزاء،
إن الغرض من اجتماعنا اليوم هو أن ننظر معا تجاه التطورات و أن نتفق على مواقف من شأنها الإسهام في تحقيق إدانة جماهيرية للهجمة القائمة ضد الشعوب، و في تطوير النضال الشعبي.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تُدعى الأحزاب الشيوعية والعمالية للوقوف على مستوى التطورات و إلى نصب قامتها في مواجهة الحرب الإمبريالية، سواء أكان ذلك في حروب أفغانستان أو العراق أو ليبيا ومالي.
ومع ذلك فمن الضروري اليوم، اتخاذ خطوات لتنوير الطبقة العاملة والشرائح الشعبية و الشباب، سواء في منطقتنا أو في نطاقها الأوسع.
و ذلك نظراً لأن الإمبرياليين يُخفون نواياهم خلف ذرائع مختلفة، حيث يكشفون باستمرار عن ذرائع جديدة أو عن استخدامهم لألاعيب دعائية القديمة، تذكرنا بما فيه الكفاية بالنازي غيبلز. و تتميز فيما بينها، ذرائع "مكافحة الإرهاب"المزعومة، و ما يزعم بصدد"استخدام أسلحة الدمار الشامل"، و آلامهم المزعومة بصدد "حماية الأقليات" و اهتمامهم المزعوم نحو "استعادة الديمقراطية " و ما إلى ذلك.
و يمتلك الإمبرياليون"جوقة يسارية" تتألف من قوى الانتهازية داخل الحركات في سياق محاولتهم إقناع الجماهير العمالية الشعبية بضرورة الحاجة إلى قيام التدخلات و الحرب الإمبريالية.
حيث تقوم القوى المذكورة إما بتكرار حجج المراكز الإمبريالية، بشكل علني كما فعلت قوى حزب اليسار الأوروبي على سبيل المثال في ليبيا عبر دعمها لغزو حلف شمال الاطلسي. أو "يغسلون أيديهم من دم.." كما يفعلون في حالة سوريا مع اجترارهم في نفس الوقت لحجج القوى السياسية البرجوازية مسهلين بذلك العدوان الامبريالي، على غرار ممارسة حزب سيريزا في اليونان.
ومع ذلك، فالتدخل الإمبريالي والحرب لن يحصلا بسبب الذرائع المذكورة فالإمبريالية ليست مهتمة ﺒ"الديمقراطية" في سوريا. إن الحرب تجري حصراً بسبب التناقضات والتناحرات المتشكلة فوق أرضية الرأسمالية التي تتخلل اليوم مجمل طبيعتها. و هي جارية نظراً للتناقضات الشديدة الجارية بين المجموعات الاحتكارية الكبيرة، و بين الطبقات البرجوازية لدول رأسمالية أكثر أو أقل قوة، بهدف السيطرة على الثروات الطبيعية (الطاقية، الباطنية، والمائية وغيرها)، و على طرق نقلها ( أنابيب النفط والغاز، و شرايين النقل البحري والموانئ والمطارات والطرق البرية)، وتقاسم حصص الأسواق.
هذا هو الآن جوهر التطورات الجارية في منطقة واسعة تشكل "قوساً" يمتد من شمال أفريقيا إلى شرق المتوسط والشرق الأوسط والخليج، وبحر قزوين والقوقاز والبلقان.
حيث تتطور في جميع أنحاء هذه المنطقة تنافسات شرسة، بمناسبة اقتسام موارد الطاقة الجديدة، كما و هناك أيضاً سعي نحو إعادة إقتسام عنيف لما سبق اقتسامه سابقاً بشكل مغاير.
في سياق هذا الصدام تجري مواجهات بين قوى عاتية، تؤثر بدورها في التطورات من خلال "لاعبين اقليميين"، يسعى كل منهم مع ذلك لتحقيق أهدافه الفردية.
وهكذا نرى أنه بالإضافة لدور إسرائيل تقوم تركيا والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة بدور نشط في عملية التدخل الهادفة لإسقاط النظام السوري.
و تجري المواجهة المذكورة بكل الوسائل. حيث تُحشد في المنطقة أساطيل حربية و منظومات أسلحة و ذخائر، في حين من المعروف سلفاً أمر امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية.
لا ننسى نحن الشيوعيين أن "الحرب هي استمرار للسياسة عبر وسائل أخرى، و العنيفة منها تحديداً". و هذا ما نراه اليوم جارياً في سوريا حيث شديد هو الصدام الذي يهدد بوقوع تطورات "دومينو" أعم تشمل منطقة أوسع من ذلك بكثير.
دعونا لا ننسى هنا احتمال عدم تردد قوة إمبريالية معينة عن إشعال منطقة ما على الرغم من عدم امتلاكها للقدرات والوسائل اللازمة لدمجها في نفوذها السياسي والاقتصادي. ولكنها تمتلك إمكانية اختيار تحويل هذه المنطقة، و لقدر ما ترغبه من وقت، إلى مجزرة شاسعة بغرض منع و إعاقة تغلغل مصالح إمبريالية منافسة لها، و إعاقة النفوذ الاقتصادي والسياسي والعسكري لقوة خصم لها.
و من غير الممكن تفهم التطورات التي تشهدها منطقتنا، دون فحصها تحت ضوء عاملين عالميين رئيسيين اثنين:
أولهما هو عامل الأزمة الرأسمالية، التي تضرب بتزامن دول رأسمالية عاتية على مدى 6 إلى 7 سنوات. هي أزمة تعود لطبيعة النظام الرأسمالي عينه مظهرة لحدوده و لصعوبة إعادة إنتاج رأس المال، نظراً لنزعة هبوط متوسط معدل الربح.
و تعجز كل خلائط السياسة عن الوصول لمخرج من الأزمة في صالح الشعب. فحتى البلدان التي خرجت من الركود، و تواجدت في استقرار حافظت على "نمو" ضئيل، أُسِّس على أنقاض الحقوق الاجتماعية العمالية و على تدمير الأجور و الرواتب و المعاشات و على خصخصة واسعة النطاق و تسليع الصحة و التعليم وما إلى ذلك، و ذلك في حين هو واقع بالتأكيد احتمال انتكاس البلدان المذكورة نحو أزمة اقتصادية أعمق.
و يكمن العامل الثاني في حقيقة تطور قوى رأسمالية جديدة على الصعيد العالمي ضمن هذه الظروف كنتيجة التطور الرأسمالي الغير متكافئ تسعى للتنسيق فيما بينها، من أجل تعزيز موقعها في "مراكز صنع القرار" كالمنظمات الدولية كالامم المتحدة وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، الخ.
و لهذا السبب تتشكل اتحادات إقليمية و عالمية جديدة، لا تلاقي بالتأكيد ردود فعل إيجابية من قوى أخرى عاتية سلفاً، ترصد تراجع مواقعها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي و في اقتسام الأسواق والمواد الأولية. مما يقود بالتالي، إلى انتشار صدامات و مواجهات في مناطق أخرى من كوكبنا.
ومع ذلك، لا تزال هناك في منطقتنا قضايا معقدة للغاية نظراً لوجود "فسيفساء" القوميات والأديان و مشاكل دولية دون حل مثل القضية الفلسطينية، أو قضية احتلال إسرائيل لأراضٍ سورية ولبنانية، كما و احتلال جزء من قبرص من قبل تركيا.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مسألة المشاكل الثنائية، بما في ذلك تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة في شرق البحر الأبيض المتوسط، ولكن أيضا تحديد وضع بحر قزوين. حيث هناك و باستمرار تطورات جديدة ضمن هذه القضايا على غرار:
- عدوانية إسرائيل المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وسياسة الاستيطان والتحديات والهجمات المستمرة.
- إعداد الأرضية لنسخة جديدة من مخطط "عنان" في قبرص التي لن تضمن حل عادلاً و لا قابلاً للحياة.
- تظليل بحر إيجه باللون الرمادي من قبل الطبقة البرجوازية التركية التي لا تعترف بقانون البحار لتحديد الحدود اليونانية التركية في بحر ايجه.
- كما و يقلقلنا بالتأكيد، في مرحلتنا هذه وضع سوريا أولا وقبل كل شيء، بعد نشر نظام "باتريوت" الأطلسي في تركيا، مع دور قاعدة سودا (التي تزود و باستمرار سفناً حربية أمريكية) كما و قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رفع الحظر المفروض على الأسلحة و إقدامهم العلني على تسليح المقاتلين المحاربين في سوريا، وكذلك القرارات الصادرة عن الولايات المتحدة التي تشهد أيضا على الدعم العلني للمسلحين المقاتلين في سوريا ضد نظام الأسد.
وفي ظل هذه الظروف يتجلى أكثر وضوحا الدور العدواني لحلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي و تنفضح تلك القوى السياسية التي كانت تعد ﺒ"الأمن" و "السلام" المحقق خلال مشاركة بلادنا في هذه المنظمات الإمبريالية.
تشكل هذه الإتحادات "أحلاف ذئاب" تستحيل "دمقرطتها" و "أنسنتها" كما تزعم القوى الإشتراكية الديمقراطية والانتهازية. فهي أحلاف معادية للمصالح العمالية الشعبية، ويجب أن تكون مستهدفة من قبل الحركة الشعبية التي ينبغي أن تكافح ضد مخططاتها حتى تحررها النهائي و فك ارتباطها عنها. و هو ما يمكن أن تضمنه وحدها سلطة عمالية شعبية بديلة.
الرفيقات و الرفاق
لقد أنتجت الفترة التي انقضت منذ التطورات في مصر و تونس وغيرها من البلدان، المزيد من المعطيات لندرس على وجه أفضل الوضع المتعلق بما عرف ﺒ"الربيع العربي".
حيث بإمكاننا الآن أن نميز بشكل أفضل من جهة، رد فعل شعبي و كفاحاً شعبياً و مطالب مشروعة ضد السياسات الضد شعبية لنظامي مبارك وزين العابدين بن علي. و من جهة أخرى المخطط الذي أبرزته أركان القوى الإمبريالية العاتية من أجل"شرق أوسط جديد" بهدف ممارسة أفضل تحكم لها بالترابط مع أهداف الطبقات البرجوازية في التطور الأبعد للرأسمالية، و في تعديل البنية الفوقية السياسية توافقاً مع القاعدة الإقتصادية في هذه البلدان.
يمكننا هنا استخلاص استنتاجات حول أساليب التلاعب بالشعوب، حول ضرورة تبني خط نضال من شأنه حشد القوى الشعبية وتعبئتها و بالتأكيد بالتركيز على المشاكل الشعبية الكبيرة ضد جوهر الأنظمة الرأسمالية، و في سبيل تغييرات جذرية لإسقاطها.
الرفاق الأعزاء،
لقد ندد الحزب الشيوعي اليوناني و منذ اللحظة الأولى، بالتدخل الإمبريالي في سوريا معرباً عن تضامنه مع الشعب السوري و معلناً بأن للشعب السوري فقط حق تحديد مستقبل وطنه، دون ابتزازات و تدخلات أجنبية.
وفي الوقت نفسه، نواصل تعبيرنا في كل فرصة عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني المناضل، منددين بالهمجية الإسرائيلية. لقد عارض الحزب الشيوعي اليوناني و بطرق مختلفة، تعاون البلاد العسكري مع إسرائيل واتخذ مبادرة دولية هادفة للإعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد دعم حزبنا و يتابع دعم نضال الشعب القبرصي من اجل قبرص موحدة فدرالية مستقلة، على أساس منطقتين و مجتمعين، ذات سيادة واحدة وشخصية دولية، خالية من القواعد و القوات الأجنبية، كوطن مشترك للقبارصة اليونانيين والأتراك، من دون ضامنين وحماة أجانب.
هذا و كان المؤتمر اﻟ19 لحزبنا المنعقد بنجاح قد قيَّم النشاط المذكور إيجابياً و انشغل على الأخص بمسألة موقف الشيوعيين ضد الحرب الإمبريالية. و ذلك نظراً لاقتراب و اتضاح ملامح حرب شرسة مزمعة بين أعتى الدول الرأسمالية و الاحتكارات.
هناك مسائل تناقضات فعلية مفتوحة موجودة ضمن التناقضات الإمبريالية البينية الأشمل، لا سيما في منطقتنا، هي متعلقة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة والطاقة. حيث تحتوي هذه المسائل على مخاطر أكبر لتورط اليونان وغيرها من البلدان في حرب و تدخلات في جانب هذا التحالف الإمبريالي أو غيره. و لا يمكن استبعاد حصول أي شيء، بما في ذلك نشوب حرب إمبريالية.
و دعونا هنا لا ننسى حقيقة تمظهر أزمات رأسمالية عالمية الطابع قبل كِلا الحربين العالميتين السابقتين.
تمر الرأسمالية في حاضرنا أيضاً بأزمة كبيرة احتضنت بدرجات مختلفة العديد من البلدان في أوروبا كما و اليابان والولايات المتحدة الأمريكية. هي أزمة مترافقة مع تعزيز موقع قوى رأسمالية صاعدة تسعى للحصول على دور أكبر في القضايا الدولية.
إن هذا العالم الجديد "متعدد الأقطاب ليس ﺒ"جديد" بهذا القدر. فببساطة كانت حكومات مختلف البلدان الرأسمالية قد بذلت جهوداً رامية إلى تخفيف خلافاتها و تشكيل "جبهة" موحدة ضد قوى الاشتراكية، أثناء حضور الإتحاد السوفييتي تاريخياً.
فقد شكل الإتحاد السوفيتي ركيزة أساسية للشعوب في نضالها، وبطبيعة الحال، كان قد تمكن إلى حد ما من إفشال بعض المخططات الامبريالية.
أما الآن، و في ظل غياب الإتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية الأخرى في أوروبا الوسطى والشرقية، تتجلى التناقضات بين البلدان ذات النظام الاجتماعي والسياسي الرأسمالي عينه، بشكل أقوى من ذي قبل، مما يجعل البعض للحديث عن "بنية جديدة" في العلاقات الدولية .
ومع ذلك، فأولئك الذين يتحدثون عن "بنية جديدة" في العلاقات الدولية و عن"عالم متعدد الأقطاب"، و يعدون بأن الخلافات ستُحل من الآن فصاعداً عبر "موائد مستديرة"، يقومون بزرع أوهام للعمال عند تجاهلهم للتناقضات المتنامية، و لحقيقة أن الرأسمالية عينها هي من تخلق الأزمات والحروب.
لقد سجل المؤتمر اﻟ19 للحزب الشيوعي اليوناني ضرورة علم العمال و الشيوعيين أولاً بالمخاطر القائمة و إحاطتهم بها مشدداً على أنه: " في كافة أحوال تجلي مشاركة اليونان في الحرب الإمبريالية، يجب أن يكون الحزب الشيوعي اليوناني جاهزاً لقيادة تنظيم ذاتي للمقاومة العمالية الشعبية لكيما يربط المقاومة مع النضال من أجل تحقيق هزيمة الطبقة البرجوازية سواءاً المحلية منها أو الأجنبية الغازية".
بناءاً على ما سبق، فإن هدف استحقاق السلطة العمالية الشعبية و المطالبة بها، يسهم في تجنب الإصطفاف مع الطبقة البرجوازية، أو مع قطاعات منها، و في تجنب اندماج الحركات الشعبية ضمن استهدافات وتطلعات أعتى القوى الامبريالية.
لقد تموضع الحزب الشيوعي اليوناني بدقة و ثبات تجاه جميع مسائل التهديدات الامبريالية، والتدخلات والحروب و هو يرمي ثقلاً على النشاط و التعبئة الشعبيين.
و هو يسعى ليصبح ما ذكر أعلاه أهداف نضال للنقابات العمالية والمنظمات والتجمعات الجماهيرية التي يدعمها على غرار "بامِه" ضمن الحركة العمالية و "باسي" في حركة المزارعين، و"باسيفي" ضمن حركة العاملين لحسابهم الخاص من شرائح البرجوازية الصغيرة في المدينة و ضمن "ماس" ضمن الحركة الطلابية، و ضمن الحركة النسائية، وغيرها من الحركات والمنظمات الجماهيرية في مجال العمل المناهض للإمبريالية و مناهضة الحرب، بما في ذلك اللجنة اليونانية للسلام و الوئام الأممي، مستهدفاً فك ارتباط بلدنا من الحرب الإمبريالية و أية أشكال التدخلات كما و إزالة القواعد الأجنبية و الأسلحة النووية و ما إلى ذلك.
ينبغي على الطبقة العاملة والشرائح الشعبية في منطقتنا و في طليعتها الشيوعيين، أن يتحملوا عبء النضال ضد سفك الدماء الذي يدفع به الإمبرياليون في المنطقة لخدمة مصالحهم الخاصة.
و هنا يصبح تنسيق النشاط بين الأحزاب الشيوعية والعمالية عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه، ينبغي في رأينا، أن يترافق في كل مكان مع الكشف عن استحالة تقديم و ضمان حل حقيقي لأمن و رخاء شعوب المنطقة من قبل أولئك الذين يتمثل همهم الأساسي في زيادة ربحية رأس المال مع سعيهم لخدمة المصالح الاحتكارية في المنطقة.
و يكمن الحل حصراً في النضال من أجل الإطاحة بالمسببات التي تولد التناقضات والصدامات والحروب. أي في إسقاط الرأسمالية وبناء المجتمع الاشتراكي الجديد، خالياً من تشوهات وأخطاء الماضي، و استناداً إلى تراكم المزيد من الخبرة والدروس و الاستنتاجات التي توصلنا لها. لأن هذا المجتمع هو في جوهره، كما يقول الشاعر: "مملكة" حقيقية لصداقة سائر البشر ولسلام و رخاء الشعب.