روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

كلمة الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني في تظاهرة الحزب الشيوعي الإيطالي في روما يوم 7 نوفمبر، بمناسبة الذكرى السنويةاﻠ98 لثورة أكتوبر

بناءاً على دعوة من الحزب الشيوعي الإيطالي، زار إيطاليا الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني، ذيميتريس كوتسوباس، يوم السبت 7 تشرين الثاني/نوفمبر، في يوم مرور 98 عاماً على ثورة أكتوبر، و ألقى كلمة في روما ضمن تظاهرة نظمها الحزب الشيوعي الإيطالي حول موضوع "الإشتراكية هي الحل الوحيد. اليونان، باعتبارها درسا لشعوب أوروبا".

 

حيث تضمنت كلمة ذيميتريس كوتسوباس ما يلي:

 

إننا نشعر بسرور كبير بأننا معكم هنا اليوم في روما، في هذه التظاهرة الجميلة التي يقيمها الحزب الشيوعي الإيطالي. الذي تربطنا معه صلات قوية لعلاقات الصداقة والتعاون. و نقدر الجهود البطولية التي يبذلها رفاقنا الشيوعيون الإيطاليون لإعادة تشكيل الحزب الشيوعي، و لجعله قوة كبيرة في إيطاليا، متجذرة في الطبقة العاملة في البلاد، و في مواقع العمل، في سن الإنتاج داخل صفوف الشبان والشابات.

 

و على الرغم من أننا نعمل في ظروف مختلفة، ولكن المشاكل التي تعاني منها شعوب اليونان وإيطاليا، هي مشتركة. حيث تطور أحزابنا الشيوعية في أوروبا، تعاونا وثيقا ضمن"مبادرة الأحزاب الشيوعية و العمالية الأوروبية" مع لقاءات أوروبية مشتركة و نشاطات و دراسات ضد الاتحاد الأوروبي الإمبريالي و ضد استغلال الشعوب و ضد التدخلات والحروب وسياسات حكوماتنا المناهضة للشعب و ضد سلطة رأس المال الاحتكاري.

 

بتأثر كبير نتكلم اليوم ضمن هذه التظاهرة، في ذكرى يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 لثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى.

 

حيث نكرم اليوم الذكرى اﻠ98 لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى التي قامت عام 1917 في روسيا و التي وصمت وحددت مسيرة الملايين من البشر ليس فحسب في المنطقة الجغرافية التي أقيمت فوقها أول دولة عمالية في تاريخ البشرية، أي في موقع الاتحاد السوفييتي السابق، بل حددت و وضعت بصمتها في كل ركن من أركان المعمورة لأكثر من 70 عاما.

فقد أظهر أكتوبر قدرة و إمكانية الطبقة العاملة على تنفيذ مهمتها التاريخية باعتبارها الطبقة الثورية الفعلية حصراً، في قيادة ولادة عالم بناء الاشتراكية الشيوعية.

و يظهر أكتوبر في الوقت نفسه الدور الذي لا بديل عنه لعامل توجيه الثورة الاشتراكية المتمثل بالحزب الشيوعي.
كما و يظهر أكتوبر العظيم القوة الهائلة للأممية البروليتارية. على الرغم من الأحداث الوسيطة منذ انقلابات فترة 1989- 1991، حيث تجعلنا الذكرى اﻠ98 لثورة أكتوبر، اليوم أكثر ثقة و يقيناً حول راهنية و ضرورة الاشتراكية، مع كل الخبرة النظرية والعملية والنضج الذي اكتسبناه.

 

فانقلابات الثورة المضادة لا تغير من سمة العصر. حيث سيكون القرن اﻠ21، قرن صعود جديد للحركة الثورية العالمية و قرن سلسلة جديدة من الثورات الاجتماعية.

و بلا شك ضرورية هي النضالات اليومية التي تجري بهدف تحقيق مكاسب جانبية أو عامة، و لكنها و مع ذلك غير قادرة على تقديم حلول جوهرية طويلة الأمد و دائمة. حيث لا يزال المنفذ الوحيد هو الاشتراكية.

 

و تبرز ضرورة الاشتراكية من ذات تفاقم تناقضات العالم الرأسمالي المعاصر و النظام الإمبريالي. حيث ناضجة هي الشروط المادية للرأسمالية من أجل الاشتراكية. فقد أكسبت الرأسمالية العمل والإنتاج طابعاً اجتماعياً على نطاق غير مسبوق. حيث تشكل الطبقة العاملة القوة المنتجة الرئيسية و غالبية السكان النشطين اقتصاديا. و مع ذلك، فإن وسائل الإنتاج ومنتجات العمل المنظم اجتماعيا، تشكل ملكية رأسمالية فردية. أي أننا بصدد تناقض يمثِّل رَحم ولادة جميع ظواهر أزمة المجتمعات الرأسمالية المعاصرة، كما هي: الأزمات الاقتصادية وتدمير البيئة ومشكلة المخدرات ووقت العمل اليومي الكبير على الرغم من حقيقة زيادة إنتاجية العمل و هو الذي يتعايش طبيعيا مع البطالة والتشغيل الناقص وبدوام جزئي وتكثيف استغلال قوة العمل و غيرها الكثير.

وفي الوقت نفسه، يشير هذا الحدث نفسه إلى ضرورة إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الممركزة ، والتملك الاجتماعي، واستخدامها على وجه مخطط ضمن الإنتاج الاجتماعي، مع التخطيط للاقتصاد قبل السلطة العمالية، من أجل موائمة علاقات الإنتاج مع مستوى تطور القوى المنتجة.

أيها الرفاق،


تعلمون جميعاً أن اقتصاد اليونان الرأسمالية يخوض الآن عام أزمته السابع، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في الدخل العمالي الشعبي، عبر خفض الرواتب والمعاشات التقاعدية و تقلص في دخل المزارعين العاملين لحسابهم الخاص والمهنيين والحرفيين، و زيادة مذهلة في معدل البطالة الذي وصل27 ٪، مع إثقال الأسر الشعبية بمديونية كبيرة، وضرائب باهظة و ما إلى ذلك. حيث تمظهرت هذه الأزمة بشكل متزامن على المستوى الدولي، بداية في الولايات المتحدة وثم احتضنت الاتحاد الأوروبي واليابان وروسيا و بلداناً أخرى.

 

حيث مُنهجت في ظل الأزمة الاقتصادية عملية إعادة هيكلة للنظام السياسي البرجوازي تدريجيا، اعتبارا من عام 2012 و هي مستمرة حتى اليوم. وكانت الملامح الرئيسية لهذه العملية هي: إعادة بناء الإشتراكية الديمقراطية، بعد انهيار حزب الباسوك عبر حامل أساسي تمثَّل بحزب سيريزا، الذي اتخذ الآن موقع الباسوك باعتباره إحدى دعائم النظام البرجوازي في اليونان، حيث تتمثل ثاني دعائمه بحزب الجمهورية الجديدة، كما و تميزت هذه العملية بعنصر جديد هي البعد البرلماني الذي قدم إلى التيار الفاشي النازي عبر مطية منظمة"الفجر الذهبي" الإجرامية.
و قد أسهم حزب سيريزا، خصوصا بعد ظهوره في موقع الحكم في كانون الثاني/ يناير الماضي بدعم من حزب اليونانيين المستقلين اليميني القومي، في سياسة احتواء شريحة واسعة من الشعب اليوناني في مخططاته المناهضة للشعب، عبر استغلال الأمل و التسامح الناتج عن "حكم اليسار لأول مرة". إن تجديد تصويت الشعب اليوناني لصالح حكومة سيريزا خلال انتخابات شهر أيلول/ سبتمبر قبل شهر و نصف، يُظهر استمرار محاولة التلاعب بالشعب و احتوائه على الرغم من إقراره للمذكرة الثالثة و انحسار عدد أصواته الناتج عن انسحاب عدد من كوادره.

و صحيح أنه لا يمكن الحديث عن التطورات في اليونان دون إيلاء أولوية لمسألة اللاجئين التي تشكل حرفيا مسألة حياة أو موت. إن شعبنا يظهر لمدة أشهر الآن تضامنا كبيرا تجاه اللاجئين الذين يسعون للنجاة. و لكننا نعتبر عدم تأقلمه مع الصور اليومية للاجئين الموتى و الأطفال الغرقى في بحر إيجه مسألة حاسمة، و هم الذين اقتلعوا من أراضيهم. حيث نعلم وجود ظروف مماثلة أيضاً، في إيطاليا.

إن لهذا النزوح سبب و اسم و عنوان. و هو همجية الرأسمالية، التي "تخلق" الأزمات الاقتصادية والفقر والبطالة والحروب والتدخلات الامبريالية التي تشارك فيها بلداننا ضمن نطاق الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

 

يكافح الحزب الشيوعي اليوناني ضد أسباب النزوح والهجرة، و ضد النازية - الفاشية وممثليها الحاليين في اليونان، الذين يسعون ضمن أمور أخرى إلى استغلال المسألة الكبيرة لتيارات الهجرة، لزرع القومية و رهاب الأجانب والعنصرية في صفوف شعبنا. وفي الوقت نفسه، نطالب بإجراءات فورية لإنقاذ هؤلاء البشر و لبقائهم على قيد الحياة بشكل لائق على مدى بقائهم في بلدنا ونقلهم بأمان إلى وجهتهم.

في الوقت نفسه يواجه شعبنا و الطبقة العاملة، هجمة جديدة شاملة هجوم من قبل رأس المال، هي هجمة التي تولت بالتأكيد استكمالها حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين عبر تنفيذ اتفاق المذكرة المناهض للشعب الذي أبرمته خلال الصيف

و هي تنفذ كل يوم من خلال مشاريع القوانين التي تجلبها إلى البرلمان، تدابيراً همجية لم يسبق لها مثيل. إننا بصدد تدابير تزيد من الضرائب المفروضة على الأسر الشعبية مع أكثرها نموذجية زيادة الضريبة المفروضة على المزارعين والعاملين لحسابهم الخاص، وتقديم إعفاءات ضريبية دائمة لرأس المال. إنهم يستهدفون كل ما بقي من حقوق في مجال الضمان الاجتماعي من خلال رفع سن التقاعد. وهم يعدون هجوماً على حق الإضراب والحقوق النقابية الأخرى، في حين يستمرون بعمليات الخصخصة. و يشكل هذا الهجوم دليلاً على أن استغلال قوة العمل هو عبارة عن شرط أساسي لانتعاش الربحية الرأسمالية.

و تتصدر حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين مخططات حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المنطقة و تشارك بها بنشاط، عبر منحها مناطق بأكملها من البلاد لإنشاء قواعد الناتو الجديدة وبنىً تحتية عسكرية هجومية.

لقد قدمت الحكومة "اليسارية" المزعومة وتقدم، خدمات كبيرة للنظام. فهي عبر عباءة "اليسار" تزعم كفاحها داخل الاتحاد الأوروبي، و ذلك بالترابط مع قيامها بالابتزاز و زرع الأوهام، ضمن محاولة لإقناع جزء كبير من الشعب بأن السياسة الحالية هي اتجاه إجباري و بأن الأمر الوحيد الذي بإمكان الشعب فعله هو اختيار ماهية الحكومة و المدير الذي سيطبق المذكرة و السياسات المناهضة للشعب. و قد أسهمت الحكومة في رجعنة قوى يسارية و جذرية كانت قد كافحت في السنوات السابقة ضد التدابير المناهضة للشعب.

حيث يؤكد و لمرة أخرى ما يعرفه العمال الإيطاليون، عن قدرة ما يسمى بالحكومات اليسارية و ما يسمى بالأحزاب اليسارية التجديدية، التي تتضمن في صفوفها شيوعيين سابقين مهجَّنين، على إنجاز العمل القذر على وجه أفضل و في الوقت المناسب لصالح رأس المال، بينما يقودون الشعب والحركة نحو السلبية والإحباط.

و بهذا الأسلوب أيضاً تأكدت صوابية موقف الحزب الشيوعي اليوناني الثابت الذي رفض و بشجاعة خلال هذه السنوات المشاركة في حكومات إدارة مماثلة للنظام الرأسمالي و لسياسات الاتحاد الأوروبي المعادية للشعب و لعدوانية حلف شمال الاطلسي.

 

هناك اليوم، سواء في بلدنا ودوليا، خبرة كبيرة عن ماهية الحدود التي تتحرك ضمنها مختلف سياسات التحالفات والحكومات، سواء أكانت تسمى "يسار الوسط" أو "يمين الوسط"أو  "يسارية" أو "جذرية". و ذلك منذ لحظة بنائها على أساس الدفاع عن الهيمنة الرأسمالية، وإدارة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يخلقها النظام باستمرار للشعب والشباب، حيث ستكون هذه الحكومات مقيدة الأيادي و الأرجل بحاجات رأس المال و الإتحادات الإمبريالية كالاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، مهما كان قدر حسن نيتها. فالمشكلة لا تكمن في هوية من يشكل هذه التحالفات أو في ماهية نواياه. إنها تكمن في قوانين المجتمع الرأسمالي، التي لا ترحم و التي لا نستطيع تجاهلها، ولا، بالطبع، أن نزرع الأوهام في صفوف العمال حول إدارة للرأسمالية، مزعومة "أكثر إنسانية".

فإما أن نُسقط هذه القوانين أو أنها ستستمر في "افتراس" أحلام وحياة العمال والشباب، حيث لا وجود هناك ﻠ"طريق ثالث".

هذا هو معنى موضوع تظاهرتكم الحالية، إن الرسالة التي تعطي الدرس، والخبرة من اليونان، لكي تكون التطورات في صالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

هذا هو بالضبط ما نقوم به في اليونان. حيث تخوض قوى الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية، عبر نشاطها في مواقع العمل و في صفوف الحركة العمالية الشعبية، معركة كشف مخططات الحكومة والأحزاب البرجوازية الأخرى و أركانها، التي تهاجم الطبقة العاملة و بشكل مشترك، بهدف جعلها قوة عمل أرخص و خاضعة. و للكشف عن طبيعة المذكرات أي عن حقيقة أن حضور لأي انتعاش و حتى طفيف للاقتصاد الرأسمالي و لربحية رأس المال، يشترط إلغاء أي مكاسب و أنه تحت أي ظرف من الظروف لن يقود إلى ارتفاع مستوى المعيشة و إلى التخفيف من معاناة الأسر الشعبية. و أكثر من ذلك بكثير في وقت قد يزداد الوضع سوءا، حيث تظهر علامات لتطور أزمة متزامنة دولية جديدة و تتفاقم التناقضات الإمبريالية.

يضع الحزب الشيوعي اليوناني كل قواه بين الشعب لكشف ما يخطط ضده، لوضع العوائق الممكنة استنادا إلى ميزان القوى، في وجه التدابير المناهضة للعمال و الشعب، لتعزيز الصراع الطبقي في المقام الأول، و ليتفهم أكبر قطاع ممكن من الشعب ضرورة الصدام و المنظور الشاملين.

 

إننا نفتح النقاش حول ماهية التنمية التي يحتاجها الشعب و عن اتجاهها وكيفية تغطية الحاجات العمالية الشعبية، و نطرح مشروع السلطة المقترح من قبل الحزب الشيوعي اليوناني. هذا هو الجواب على الاستراتيجية الموحدة لجميع الأحزاب البرجوازية و أرباب العمل الرأسماليين و أركان الإتحاد الأوروبي.

فلدينا في اليونان سلفاً تحركات جماهيرية ومظاهرات وإضرابات للعمال والموظفين والبحارة، و تحركات للطلاب و التلاميذ والمزارعين والمتقاعدين والمهنيين والتجار. حيث نستعد بشكل مكثف لإضراب عام لمدة 24 ساعة على الصعيد الوطني تشمل عاملي القطاع العام في 12تشرين الثاني/ نوفمبر.

في هذا السياق يرمي الحزب الشيوعي اليوناني ثقلاً من أجل إعادة صياغة الحركة العمالية الشعبية و بناء التحالف الاجتماعي مع صعود الصراع الطبقي، وتوسيع روابط الحزب الشيوعي اليوناني مع قوى عمالية شبابية وغيرها من شرائح العمال والمزارعين و صغار الكسبة، و أساسا مع شباب ونساء الأسر الشعبية لبناء منظمات حزبية قاعدية قوية في جميع مواقع العمل في القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد.

 

و فقط عبر هذا الشكل، بإمكاننا فتح الطريق لإعداد و حشد القوى من أجل غد أفضل للجميع، لأولادنا، و للمنظور الإشتراكي-الشيوعي.

 

الرفاق الأعزاء،

 

إن حقيقة توصيف عصرنا كعصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، ليس لها أية علاقة مع أي أطر زمنية محددة وحدود و بل هي متعلقة بالتحليل الماركسي اللينيني للحقبة المعاصرة، باعتبارها عصر الإنتقال إلى الاشتراكية. و علاوة على ذلك، من غير الممكن ولادة الاشتراكية كنظام اجتماعي ضمن الرأسمالية، كما ولدت النظم الاستغلالية السالفة داخل بعضها. إن ما يولد حصراً ضمن الرأسمالية ليس سوى الشروط المادية للإسقاط الرأسمالية.
في اليونان و كما هو الحال في جميع أنحاء العالم، تثقلنا و بشكل حاسم عواقب الثورة المضادة وهزيمة البناء الاشتراكي في بلدان أوروبا وآسيا، كما و التقهقر المسجل في البلدان التي تدعي الاشتراكية اليوم.


حيث تطرح خلال الحملات الانتخابية في اليونان أسئلة مثل:"لماذا لا يبقى على قيد الحياة ذلك النظام الذي تؤيدون؟" أين طبقت طروحاتكم، ما دام الجميع يحلفون بإسم السوق" وما إلى ذلك، و بالطبع تطرح هذه الأسئلة من قبل البعض عن جهل وبحسن نية، ولكنها تطرح عن سوء نية، من قبل العديد من خصومنا وحتى من بعض اليساريين. و بمعزل عن ذلك، يجب علينا إجابتها بوضوح و صدق.

و نقول شيء واحداً مؤكداً: و هو أن الانتصار المؤقت للثورة المضادة لا يلغي حتمية الاشتراكية. وهي حقيقة لا يمكن إنكارها حيث لا يوجد في تاريخ البشرية، نظام اجتماعي اقتصادي ترسَّخ عبر محاولة واحدة و إلى الأبد.


فحتى الرأسمالية لم تسيطر حين ظهورها ضد الإقطاع. حيث ظهرت علاقات الإنتاج الرأسمالية كطراز جديد تاريخيا لاستغلال الإنسان للإنسان، عبر علاقة العمل المأجور- رأس المال للمرة الأولى في النصف الثاني من القرن اﻠ14 في شمال إيطاليا، حيث لم تتمكن هذه العلاقات من البقاء على قيد الحياة. و تطورت هذه العلاقات بعد سنوات في انكلترا وهولندا وأماكن أخرى، وأخيرا بإمكاننا أن نتحدث عن عصر رأسمالي في القرن اﻠ16. و هنا بالضبط ينبغي أن نسجل فرقا جوهريا بين الرأسمالية والاشتراكية الشيوعية، من ناحية قيام علاقات الإنتاج.

 

فقد ولدت علاقات الإنتاج الرأسمالية في أحشاء النظام الإقطاعي وحتى أنها دعمت من قبل دول استبدادية إقطاعية في سلسلة من الحالات. حيث كان وقوع ذلك ممكنا نظراً لأن كِلا أسلوبي الإنتاج، هما استغلاليان.

 

و من الناحية الأخرى، لا تولد علاقات الإنتاج الاشتراكية داخل النظام الرأسمالي، نظراً لأن عملية الإنقلاب تتعلق بأكثر صيغ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، تطوراً أي صيغتها الرأسمالية. و هكذا، لا تجد سلطة العمال الثورية، علاقات إنتاج جديدة جاهزة. و لا تُنظَّم عفوياً علاقات الإنتاج الاشتراكية، على غرار تنظيم السوق عفوياً للعلاقات الرأسمالية.

حيث يتوجب على السلطة الاشتراكية القيام بانقلاب و تغيير جذري و تحويل ثوري، لكل ما ورثتها عن الرأسمالية. و في هذا الصدد فهي تواجه صعوبات أكبر من ذلك بكثير.

و في الوقت نفسه، يجب ألا نغفل عن الصعوبات التي تستند على حقيقة أن تحرك بناء الاشتراكية في القرن الماضي، بدأ من بلدان متأخرة تاريخيا من ناحية تطور الرأسمالية، مما يعني بالتالي، أنها بدأت من مستوى أدنى لتطور القوى المنتجة مقارنة مع مستواه، في البلدان الرأسمالية المتقدمة.

 

لقد بدأ بناء الاشتراكية بعد الدمار الهائل الناجم عن الحرب العالمية الأولى، و في ظل الظروف المدمرة للحرب الأهلية. و ضمن مساره واجه بناء الإشتراكية ويلات دمار الحرب العالمية الثانية، في توازٍ مع تجنب الولايات المتحدة لوقوع حرب على أراضيها، بل على العكس فقد كانت قد تجاوزت الأزمة الكبيرة لعقد الثلاثينات بواسطة الحرب.

 

إن التطور الاقتصادي والاجتماعي المحقق في هذه الظروف في الاتحاد السوفييتي وبلدان البناء الاشتراكي، الأخرى، هو بالضبط، دليلٌ على تفوق العلاقات الاشتراكية للإنتاج. و قد ترجم ذلك عبر مكاسب كبيرة و هامة في مستوى معيشة الشعوب، في مجالات العمل والتعليم والصحة والثقافة، التي قدمتها الاشتراكية للشعوب خلال القرن اﻠ20.


الرفيقات و الرفاق،


تحافظ ثورة أكتوبر الاشتراكية العظيمة، كأول معركة مظفرة قامت في التاريخ من أجل تحرير الطبقة العاملة، على تأثيرها المتقد حتى يومنا. و تحولت الاشتراكية عبرها من تنبؤ إلى واقع ملموس. حيث منح انتصار الثورة إمكانية تكثيف تعاليمها ضمن نظرية متكاملة للثورة الاشتراكية والحزب. و عبر دروسها هذه قدمت الأساس الأيديولوجي والسياسي لتأسيس الأممية الشيوعية و من أجل دفعٍ جديد للحركة الشيوعية الأممية.

 

حيث ثمين هو الميراث النظري لثورة أكتوبر، و هو الذي جرى إثرائه عبر تجربة الثورات الاشتراكية الشعبية التي تلتها خلال المسار.

و هو يؤكد عمليا صوابية النظرية الماركسية اللينينية للثورة، التي تنبع من التحليل المنهجي لجميع نواحي الإمبريالية، و أن الثورة تنضج ضمن مسار التطور التاريخي و  تندلع في لحظة يحددها تشابك سلسلة معقدة من الأسباب الموضوعية والذاتية.

هذا و يقوم الامبرياليون مع جميع أنواع المرتدين بتشويه أهمية ثورة أكتوبر أو الصمت عنها، لأنهم من الواضح يتفهمون أن انتصار ثورة أكتوبر حوَّل النظرية والأفكار الماركسية لقوة مادية، حشدت وعبئت الملايين من العمال في جميع أنحاء العالم ضد سلطة رأس المال و الطبقة البرجوازية، حيث نظَّم العمال دولتهم أي ديكتاتورية البروليتاريا، التي هي أرقى صيغة للديمقراطية الشعبية شهدتها البشرية حتى الآن.

فإذا ما كان أعضاء كومونة باريس خلال القرن اﻠ19 قد امتلكوا سلطة عمالية و احتفظوا بها لبضعة أشهر، فقد كانت "مهاجمة السماء" الجديدة قد استمرت لأكثر من سبعة عقود، و بنت الاشتراكية بمساهمات ضخمة في جميع أنحاء العالم متجاوزة حدود بلد معين. حيث يقود الموقف العدمي المتبنى تجاه الاشتراكية التي عهدناها، واعتماد وجهات نظر بصدد الفشل التام، نظراً لانقطاع مسار الإشتراكية، إلى موقع مناهض للعلم و منافٍ للتاريخ و إلى سبل طرق مسدودة.

 

لا أيها الرفاق. فقد بنيت الإشتراكية و تطورت و وضعت مشاكل اقتصادية و اجتماعية كبيرة على مسار حلِّها. و مع ذلك، فلم يُستطاع و نظراً لسلسلة من الأسباب، إبراز و تحرير الإمكانيات الكامنة على كامل مسار بنائها من أجل التطوير و التكميل المستمر و ترسيخ الإشتراكية خلال صراعها مع النظام الرأسمالي. و مع ذلك، فإن هذا لا يلغي بأي حال من الأحوال، عطاء و دور النظام الإشتراكي. بصيغته المتمظهرة في القرن اﻠ20، على الرغم من أوجه قصوره و نقاط ضعفه و أخطائه التي ظهرت ضمن مساره الصعب.

إن إشارة ثورة أكتوبر التي تشكل حقيقة لا جدل فيها، هو أن مستقبل البشرية هو الاشتراكية. هو ذلك النظام الذي سيصوغ خلال التطور الاجتماعي التاريخي، علاقات اجتماعية جديدة، اشتراكية، ممركزاً اهتمامه حول الإنسان و تلبية جميع حاجاته.

 

الرفاق والأصدقاء الأعزاء،

 

تبرز منجزات الإشتراكية للشعب الامل و بشكل كاشف أكثر في حاضرنا الآن، حيث واقعة هي و بعمق أكبر عدوانية الامبريالية في الاقتصاد وعلاقات العمل والسياسة الاجتماعية، و في كل المجالات. انظروا على سبيل المثال إلى ما هو عليه اليوم نظام الضمان الاجتماعي الذي يتواجد في مركز الإهتمام في بلادنا و بل في كل بلدان أوروبا.

لقد كان نظام الضمان الاجتماعي في الاتحاد السوفييتي، مستندا إلى المبادئ التي صاغها لينين و التي جرى تطويرها بعد ذلك. ليشمل جميع العمال والموظفين والمزارعين. حين كان الضمان جارياً دون إجراء أي اقتطاع من أجور العمال. و كان نظام الضمان الاجتماعي يتسم بالتنوع والترقية الممنهجة. فبالتوازي مع الضمان المادي كان السعي جارياً لتثبيت صحة العمال وزيادة مردودية العمل الاجتماعي. حيث كانت إدارة النظام المذكور منظمة بشكل ديمقراطي واسع و كانت تجري من قبل النقابات. و كانت أشكال الضمان الأساسية تتمثل بالمعاش التقاعدي و التعويضات و الدخول المجاني إلى المنتجعات ومراكز الراحة والمنازل، ومخيمات الشباب، ومرافق العلاج الوقائي والتغذية العلاجية والمراكز السياحية و لمنازل و بيوت النقاهة و غيرها. كما و كانت هناك تدابير خاصة لحماية المرأة العاملة والأمهات و ما إلى ذلك. و لو كان لدينا الوقت لكان بإمكاننا ذكر كثير من الأمثلة.

 

الرفاق الأعزاء،

 

إن إسقاط النظام الاشتراكي في أوروبا هو عبارة عن هزيمة مؤقتة للاشتراكية التي خطت أولى خطواتها و شقت طرقاً لم يسبق لها مثيل ضمن سياق دولي غير مؤات للغاية. لم ينته الصراع الطبقي. و لم يُقضى على المنظور الثوري الإشتراكي، كما يزعم مختلف ممثلي الطبقة البرجوازية السياسيين و مفكريها و أتباع "نهاية التاريخ". إن الهزيمة مؤقتة. فالقرن اﻠ21 سيجلب انتصارات ثورية جديدة.

و نعتقد بأن مسألة أساسية تتمثل بالإعتراف بأن بناء الإشتراكية كان جارياً في هذه البلدان، بما في ذلك من نقاط ضعف و أخطاء و انحرافات، و بأن ما كان قائماً هناك، لم يكن"نظاماً استغلالياً جديداً" أو "شكلاً من أشكال رأسمالية الدولة"، كما تدعي مختلف التيارات الانتهازية في الحركة العمالية. حيث كانت هناك ملكية اشتراكية و ملكية تعاونية مُخضعةً لها، و تخطيط مركزي وسلطة عمالية، و هي التي مع ذلك، خسرت تدريجيا معالمها الثورية وتحولت إلى سلطة للثورة المضادة.

تقود الدراسة المكتملة لحد الآن للتطورات، إلى خلاصة تقول بأن التآكل الانتهازي للحزب و الانحطاط في سمة السلطة، وضعا الملكية الاجتماعية الاشتراكية والتخطيط المركزي في وضع تآكلٍ حتى وقت إسقاطهما. حيث لم يكن الانحطاط التدريجي للطابع الثوري للسلطة العمالية، مرئياً مباشرة، و كانت بالتالي مجمل العملية برمتها تعطي انطباعاً يقول بانهيار السلطة العمالية لا بالانتقال التدريجي لقيادة الحزب والدولة من حاملٍ للانتهازية إلى حاملٍ للثورة المضادة.

 

الرفاق والأصدقاء الأعزاء،

 

إن المجتمع الاشتراكي هو مجتمع انتقالي. هو عبارة عن شيوعية ناقصة غير مكتملة و غير ناضجة. هو عبارة عن الطور الأول من التشكيل الاجتماعي الاقتصادي للشيوعية التي تتحرك نحو طورها الأعلى. و نحن لا نتفق مع الرؤية التي يطرحها بعض الماركسيين، و هي القائلة بأن الاشتراكية هي عبارة عن "تشكيل مستقل" أو رؤية البعض الآخر الذي يعطي سماتَ مستقلةٍ طويلة الأمد لعملية الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية. إن المجتمع الاشتراكي يحمل وصمات قوية في جميع المستويات من المجتمع الرأسمالي الذي نشأ منه، في كل علاقة و تمظهرها على الصعيد:الاقتصادي والروحي والأخلاقي.

فبناء الاشتراكية هو صراع من أجل تغيير علاقات الإنتاج، و ليس من أجل إعادة تنظيم العلاقات الاقتصادية فحسب، بل أيضا العلاقات الأيديولوجية والثقافية وغيرها، أي تغيير كل العلاقات الإجتماعية.

 

و بهذا المعنى، فإن الثورة الاجتماعية تطول على مدى البناء الاشتراكي ولا تنحصر في عملية الاستيلاء على السلطة أو في تكوين القاعدة الاقتصادية الإبتدائية حصراً. حيث يجري عبر الاشتراكية القضاء على الاستغلال الطبقي، لا على كل تفاوت اجتماعي و طبقي و على جميع أشكال الملكية الفردية أو الجماعية وجميع أشكال تغلغل العلاقات الرأسمالية كما هو الحال مع رأس المال الأجنبي. و بالتأكيد لهذه الأمور انعكاسها على الوعي والرؤى وموقف الحياة، و هي التي تتأثر بالتأكيد بالآليات التي تملكها الإمبريالية.

 

أيها الرفاق،

 

و يجري إرشاد الصراع من أجل تأسيس وتطوير المجتمع الجديد من قبل السلطة العمالية الثورية بقيادة الحزب الشيوعي، الذي يستخدم قوانين حركة المجتمع الاشتراكي. و من هنا ينبثق الدور الأعلى للعامل الذاتي مقارنة بجميع التشكيلات الاجتماعية والاقتصادية السابقة. و يشكل الطابع العلمي و الطبقي لسياسة الحزب الشيوعي، شرطاً أساسياً لبناء الاشتراكية. و يتماثل اشتداد عود الإنتهازية بقدر فقدان الحزب لسماته هذه، حيث تتكامل الإنتهازية ضمن مسارها لتغدو قوة للثورة المضادة.

و ضمن مسار بناء الاشتراكية كان يتوجب حل الفوارق الاجتماعية عدم المساواة على وجه واعٍ و مخطط لصالح العلاقات الاشتراكية للإنتاج و التوزيع و معالجة حلول عملية للمشاكل التي ظهرت للمرة الأولى تاريخيا، و هي التي و بالتأكيد، لم تكن هناك وصفات جاهزة لحلها. و بالطبع فإن هذه المهمة، تتطلب التطوير المستمر لنظرية الاشتراكية العلمية، و في المقام الأول من قبل الحزب الشيوعي.

فإذا لم تقم سياسة السلطة الاشتراكية بحل التناقضات المتمظهرة، لصالح البناء الاشتراكي،  فمن الممكن تطورها لتغدو تناحرات. على غرار ما أظهرته الخبرة. وأن تتجلى التناحرات في شكل أزمة، في حين من الممكن أن تشكل أرضية لتنامي السلبية و السخط والاحتجاج وتطور العناصر المعادية للاشتراكية، و ذلك تحت تأثير الإمبريالية التي تقدم لها و باستمرار الدعم الكامل.

 

الرفاق و الرفيقات الأعزاء،

 

يتمثل سؤال حاسم في وجود عناصر الإنتكاس الاجتماعي ضمن المجتمع الاشتراكي، من عدم وجودها. إن الإجابة التي قدمها حزبنا على أساس الخبرة الحالية، هي بالإيجاب. فالمكونات الأساسية لمثل هذه الإنتكاسات، هي متواجدة في الاقتصاد، و في علاقات الإنتاج-التوزيع.

ففي مجال الاقتصاد يتخذ شكل صراع القديم مع الجديد، صيغة الصراع من أجل الغلبة الكاملة للملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج و تخطيط الإنتاج والتوزيع، وتطورها، ضمن صراعها ضد جميع أشكال الملكية الخاصة وعفوية علاقات السوق.

حيث يجب أن يكون لنزعة تعزيز الملكية و التخطيط الإجتماعيين دور قيادي. و عندها فقط بمقدور المجتمع الاشتراكي التطور وفق خط تصاعدي. فمن الممكن إذا ما سيطرت نزعة إضعافهما، أن ينعكس البناء الاشتراكي و يتراجع تجاه أشكال تاريخية عفا عنها الزمن. و يتمظهر صراع هاتين النزعتين في سلسلة من المسائل الصعبة من الناحية النظرية والعملية.

 

فعلى سبيل المثال، كان هناك صراع قائم طوال مدة البناء الإشتراكي، حول مشكلة العلاقات البضائعية- المالية في الاشتراكية، أي حول ما إذا ما كان قانون القيمة نافذاً ضمن البناء الاشتراكي  و حول ماهية شكله و مدى تأثيره. والنضال التي تجري طوال فترة البناء الاشتراكي. حيث كانت الحلول تقدم اعتمادا على الأجوبة النظرية المتبناة. ونظرا لحلول عملية: كما و من أجل جميع أشكال الملكية الاشتراكية (على سبيل المثال: المقولات عن"استقلالية المؤسسات الاقتصادية")، و في خيارات التخطيط المركزي (مثل علاقة التناسب بين مجالات الإنتاج، أي فيما إذا كانت ستعطى الأولوية لشعبة الإنتاج الأولى أي لإنتاج وسائل الإنتاج. أم لشعبته رقم 2 أي لإنتاج منتجات للاستهلاك)، و لدور الخطة المركزية كآلية إدارة للاقتصاد عموماً، للقطاعات و المؤسسات و ما إلى ذلك، كما و لمسائل توزيع منتجات الإنتاج (كأجور و حوافز، وأسعار المنتجات، و غيرها).

إننا نجد اليوم أنه ما جرى حينها أن السياسة تحركت في اتجاه معاكس بدلاً من قيامها بموائمة علاقات الإنتاج مع المستوى الجديد لتطور القوى المنتجة المحقق عبر صعود الملكية الاجتماعية و استكمال التخطيط والرقابة العمالية الاجتماعية. حيث استخدمت أساليب عفا عنها الزمن، باعتبارها حلولاً للمشاكل التي نشأت في الاقتصاد، كتمرير وسائل إنتاج مملوكة من القطاع الاشتراكي إلى ملكية التعاونيات، و تبني الحوافز الإقتصادية و استقلالية المؤسسات الإقتصادية عن التخطيط المركزي، و غيرها.

فاعتباراً من نقطة معينة، و بدلا من تعزيز الاتجاه الاشتراكي، أي الملكية الاجتماعية والتخطيط المركزي و المشاركة العمالية في تنظيم العمل و ممارسة الرقابة العمالية من القاعدة نحو القمة من أسفل إلى أعلى، بدأ تعزز الاتجاه العكسي مع وقوع تأثيره الحتمي المقابل في مستوى الوعي.

 

الرفاق والأصدقاء الأعزاء،

 

يتميز المؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي السوفييتي كنقطة تحول، دون أن لا يعني هذا أن الصراع لم يكن جارياً قبله أو أنه لم يستمر بعده. و من الحكم على النتيجة يستنتج بأن الخيارات التي طبقت حينها لم تضفي لحل المشاكل. فقد كانت زيادة الإختلاط المضطرد لعناصر السوق في الإنتاج الاجتماعي المباشر للاشتراكية، قد أضعفتها.

و أدى ذلك إلى انخفاض في زخم التنمية الاشتراكية، حيث تعززت المصلحة الفردية و المجموعاتية المنفصلة القصيرة الأجل، على حساب المصالح العامة للمجتمع ككل. و في ظل هذا المسار خلقت الأرضية لاشتداد عود الثورة المضادة التي سيطرت في نهاية المطاف عبر مطية البيريسترويكا.

 

حيث تؤكد التطورات عدم انعدام مخاطر تطور الإنحرافات في المجتمع الاشتراكي. فعدا المحيط الإمبريالي المؤثر و المشكك بالإشتراكية و المعزز للمخاطر، يبقى أساس الانتهازية موجوداً طوال مدى الحفاظ على أشكال الملكية الخاصة، و بقاء العلاقات البضاعية-المالية والاختلافات الاجتماعية طوال مسار البناء الاشتراكي.

هذا و سيطرت في المستوى النظري، تدريجيا نظريات: "الإنتاج الاشتراكي"البضاعي" و "اشتراكية مع سوق" و والقبول النظري بقانون القيمة كأحد قوانين نمط الإنتاج الشيوعي، كقانون نافذ التأثير خلال الطور المتقدم للبناء الاشتراكي.

 

و بالتوازي، كان عنصر الذاتية في تقييم مسار بناء الاشتراكية على أنها "اشتراكية متطورة" حيث تمظهر تطور الانتهازية في التغييرات التي أدخلت على دستور عام 1977 حيث شُرِّع "حزب كل الشعب" و "دولة كل الشعب"، مما أثر على نحو أبعد في تشويه سمات الدولة وتخفيض مقام دور الطبقة العاملة. حيث شوه ذلك طابع الديمقراطية الاشتراكية، في حين أدى توصيف الحزب ﻜ"حزب كل الشعب" إلى تشويه طابعه العمالي. حيث ضعفت تدريجيا واختفت في نهاية المطاف، سيطرة القوى العمالية على الحزب. و خُرق مبدأ المساواة بين الشيوعيين.

 

و تشكلت الظروف لتطوير ظاهرة وصولية الكوادر، و في عقد الثمانينات تمثل خيار انتهازي سياسي جديد في قرارات المؤتمر اﻠ27 (1986)، و في اعتماد القانون (1987) الذي رسخ و بصيغة قانونية مأسسة العلاقات الرأسمالية، في ظل قبول تنوع أشكال علاقات الملكية. و في أوائل عام 1990، جرى و بسرعة التخلي عن المقاربة الإشتراكية الديمقراطية القديمة المعروفة ﺑ"اقتصاد السوق المخطط" التي جرى استبدالهاً ﺑ"اقتصاد السوق المعير" التي استبدلت لاحقاً ﺑ "اقتصاد السوق الحر".

و جدير بالذكر هنا هو المقطع التالي، المميز من مقال أرنستو تشي غيفارا: ".....إن التخطيط المركزي هو أسلوب وجود المجتمع الإشتراكي، إنه المقولة التي تحدد هذا المجتمع و نقطة تموقعه حيث تمكن الوعي البشري في نهاية المطاف من تركيب الإقتصاد و توجيهه نحو أهدافه، أي نحو التحرير الكامل للكائن البشري ضمن نطاق المجتمع الشيوعي".

 

الرفاق والأصدقاء الأعزاء،

 

لقد شكل الحصار الإمبريالي للنظام الاشتراكي عامل تعزيز قوي للمشاكل الداخلية والتناقضات. و قاد نحو قرارات صعَّبت من تحقيق البناء الاشتراكي. حيث كان سباق التسلح يبتلع جزءاً كبيراً من موارد الاتحاد السوفييتي.
و سمح خط "التعايش السلمي" كما تطور بشكل أساسي خلال المؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي السوفييتي، بزراعة وجهات نظر طوباوية قائلة بإمكانية تخلي الإمبريالية عن الحرب والوسائل العسكرية.

حيث لعبت تطورات الحركة الشيوعية الأممية و مسائل استراتيجيتها، دوراً هاماً في تشكيل ميزان القوى العالمي.


إن تفكيك الأممية الشيوعية عام 1943، كان وصمة لغياب مركز ثوري لمعالجة استراتيجية في مواجهة النظام الإمبريالي الدولي. و على الرغم من أن الحرب العالمية الثانية شكلت الظروف لاحتدام التناقضات الطبقية، فقد أدى النضال ضد الفاشية إلى الإطاحة السلطة البرجوازية فقط، في بلدان شرق و وسط أوروبا مع مساهمة حاسمة للجيش الأحمر. حيث لم تتمكن الأحزاب الشيوعية في الغرب الرأسمالي، من معالجة استراتيجية لتحويل الحرب الإمبريالية أو النضال من أجل التحرير، إلى كفاح من أجل الظفر بالسلطة العمالية. و بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تبين النقص في الترابط العضوي للأحزاب الشيوعية من أجل صياغة استراتيجية مستقلة في مواجهة الاستراتيجية الموحدة للإمبريالية الدولية. حيث فشلت المؤتمرات الدولية التي أجريت في وقت لاحق في الإسهام في الوحدة الأيديولوجية و رسم استراتيجية ثورية.

 و كانت سياسة تحالفات سلسلة من الأحزاب الشيوعية مع الاشتراكية الديمقراطية، مندمجة ضمن استراتيجية الحكم التقدمي المناهض للإحتكارات، كإحدى صيغ المراحل، مع وجود حكومات إدارة للرأسمالية خصوصا في بلدان أوروبا.


الرفاق و الرفيقات الأعزاء،

 

يتعلم حزبنا من إخفاقات وأخطاء الماضي، كما كان غياب استعداده النظري والسياسي في الحكم الناجز على تطور الثورة المضادة في الاتحاد السوفييتي.

ونحن نعتقد أن من مسؤولية و حق كل حزب شيوعي، دراسة المسائل النظرية للاشتراكية، و تقييم مسار البناء الاشتراكي واستخلاص الدروس من أجل إقامة جبهة عالمية ضد الانتهازية لإعداد القوى الحزبية وعموما الطبقية لشرح الصراع الطبقي على الصعيد الدولي، و لتحقيق تفسير علمي و طبقي لانتكاسات الحركة و التطور، الاجتماعيين. و عبر روح أممية و شيوعية مماثلة، نحاول رصد التطورات الراهنة في بلدان كالصين وفييتنام وكوبا و في بلدان أخرى.

 

إن التفسير العلمي لاشتراكية القرن اﻠ20، مع الدفاع عن عطائها ، يشكل عنصر دعم ا للاستراتيجية الثورية للحركة الشيوعية.

إن دراسة التناقضات و التناحرات و الأخطاء الذاتية للحركة التاريخية برمتها، هي عبارة عن عملية تطوير لنظرية الاشتراكية-الشيوعية، و هي التي ستنتج إعادة إحياء فكري وسياسي و تفوقاً للحركة الشيوعية من أجل اقتحامها الجديد و نصرها النهائي. حيث تتضمن مهامنا الرائدة اليوم، إعادة الاعتبار للحقيقة في عيون العمال حول اشتراكية القرن اﻠ20 دون مقاربات مثالية بل بشكل موضوعي خالٍ من الافتراءات البرجوازية التي تعتمد على الكوارث التي جلبتها الثورة المضادة.

قد تكون الرأسمالية لا تزال قوية اليوم، ولكن ليست شديدة البأس. إن الشعوب قوية وعندما تكافح وفق استراتيجية صحيحة فنحن نتطلع بتفاؤل للقرن اﻠ21.

لقد بدء القرن اﻠ20 بأكبر هجوم للبروليتاريا في كل العصور، وانتهى بهزيمة مؤقتة. إن القرن اﻠ21 سيجلب اقتحامات جديدة و انتصارات ثورية، و إسقاط الرأسمالية وبناء الاشتراكية الشيوعية بشكل نهائي ودون رجعة هذه المرة. إن شبح الاشتراكية -الشيوعية لماركس وإنغلز ولينين وستالين، و للكثيرين غيرهم، يطارد الآن أحلام البرجوازيين الدامية في كل ركن من أركان الأرض. دعونا نكون أكثر تصميما لنغدو كابوسهم الدائم.

 

 

 

 

11.11.2015