روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

كلمة الحزب الشيوعي اليوناني في اللقاء الأممي اﻠ17 للأحزاب الشيوعية والعمالية المنعقد في اسطنبول تحت عنوان

"مهام الأحزاب الشيوعية والعمالية في تعزيز صراع الطبقة العاملة ضد الاستغلال الرأسمالي و الحرب الإمبريالية والفاشية، من أجل تحرير العمال والشعوب، من أجل الاشتراكية!". في الفترة من 31 تشرين الأول/أكتوبر وحتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

في الفترة من 30تشرين الأول/أكتوبر وحتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر، أجري في اسطنبول في تركيا اللقاء الأممي اﻠ17 للأحزاب الشيوعية والعمالية. حيث حضر اللقاء وفد للحزب الشيوعي اليوناني برئاسة الأمين العام للجنة الحزب المركزية ، ذيميتريس كوتسوباس

 

أدناه ننشر نص تموضعه الكامل خلال اللقاء الأممي اﻠ17:

 

 

الرفاق الأعزاء،

 

نحن سعداء بتواجدنا معكم في أعمال اللقاء الأممي اﻠ17 للأحزاب الشيوعية و العمالية المنعقد هنا في اسطنبول.


و أود هنا خصوصا أن أشير إلى الروابط التي لا تنفصم بين الحركتين الشيوعيتين للشعبين الجارين، اليوناني والتركي. و من منبرنا هذا نُعرب عن شكرنا للحزب الشيوعي في تركيا على استضافته للقائنا الحالي.

 

كما و نعرب عن تضامننا الكامل مع الشعب التركي المكافح، و عن موأساتنا لأسر ضحايا الاستفزاز الإجرامي الذي أدى إلى وقوع قتلى و جرحى بالمئات من البشر في أنقرة أثناء تظاهرهم من أجل الحق والسلام.


هذا و يتجه انتباه البشرية جمعاء في الآونة الأخيرة تجاه البحر الذي يربط تركيا باليونان. ليرى سعي آلاف البشر عبور بحر إيجه من الساحل التركي نحو جزيرة يونانية ما و بأي وسيلة ومن ثم توجههم نحو البحث عن "حظٍ" أفضل لهم في بلدان أوروبية أخرى.

حيث ثبُت أن هذا"العبور" كان قاتلاً لآلاف الناس و للكثير من الأطفال، ممن لفظوا آخر أنفاسهم في صراع مع الأمواج. ومع ذلك، فإن ما قاد إلى اجتثاث جذور العديد من البشر من أوطانهم هو ذو اسم و عنوان. إنها همجية الرأسمالية، التي "تلِد" الأزمات الاقتصادية والفقر والبطالة والحروب والتدخلات الإمبريالية.

 

يكافح الحزب الشيوعي اليوناني ضد أسباب النزوح والهجرة، كما و النازية و الفاشية وممثليها الحاليين في اليونان، الذين سعوا في جملة أمور، إلى استغلال المسألة الكبيرة لتيارات الهجرة، من أجل زرع القومية و رهاب الأجانب والعنصرية، ضمن صفوف الشعب.

يدعو حزبنا الشعب و الحركة العمالية الشعبية إلى اليقظة و تشديد التضامن مع اللاجئين والمهاجرين، مطالباً ﺑ:


- إيقاف التدخلات والحروب الامبريالية التي يشنها الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة و منظمة حلف شمال الأطلسي. و رفض مشاركة اليونان فيها.

- إلغاء لوائح دبلن و شنغن و فرونتكس وجميع آليات الاتحاد الأوروبي القمعية.

- رفض تدابير الاتحاد الأوروبي القمعية على الحدود.

- تأمين النقل المباشر للاجئين من الجزر، ونقاط الدخول نحو بلدان وجهتهم النهائية، تحت مسؤولية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

- إنشاء مراكز استقبال و إيواء لائق. و تعزيز طواقم الموظفين والبنية التحتية ذات الصلة بعمليات الإنقاذ و التسجيل و الإيواء و الإطعام و الرعاية و العلاج والنقل الآمن من الجزر حتى نقاط الخروج من البلاد.

 

أيها الرفاق الأعزاء،

 

إن منطقتنا التي نتواجد فيها هنا، بين أوروبا وآسيا والبحر الأسود والشرق الأوسط ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، "تجذب" اليوم ﻜ"مغناطيس" حضور مئات الطائرات الحربية والسفن كما و جميع صنوف الوسائط العسكرية.

 

حيث تذهب و تعود هيئات عسكرية من عشرات الدول، من داخل وخارج منظمة حلف شمال الأطلسي، و تجري مناورات عسكرية، في وقت تشارك بعضها فعلياً في معارك في سوريا والعراق وأوكرانيا و سواها. إن كل ما وصفناه هنا ليست سوى "غيض من فيض" التناقضات الامبريالية البينية المحتدمة و الخطرة على الشعوب.


التي هي تناقضات تتبدى حول اقتسام المواد الأولية و وسائل نقل البضائع و حصص الأسواق. أي و عبر كلمتين من أجل الربح الرأسمالي، الذي يشكل "القوة المحركة" للمجتمع الرأسمالي القائم على استغلال الإنسان للإنسان.

 

و تحتدم التناقضات الإمبريالية البينية في السنوات الأخيرة، بسبب انقلابات الثورة المضادة في بلدان البناء الإشتراكي كما و بسبب تبعات الأزمة الرأسمالية  التي "خلطت أوراق" التطور الرأسمالي الغير متكافئ. و ليس "العالم المتعدد الأقطاب" الشهير سوى عالم المواجهات الإمبريالية البينية القاسية، التي تجري بوسائل اقتصادية و دبلوماسية و سياسية وعسكرية، على غرار القول المعروف: "إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل مختلفة"

ونحن نعلم جميعا عن التدخل السافر للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في سياق مزاحمتهم لروسيا، في حين كانت قد أسقطت سلفاً علاقة التعاون و التكامل الإشتراكي ضمن إطار الإتحاد السوفييتي. حيث أدى التدخل السافر المذكور بالإستناد على قوى قومية و حتى فاشية علنية إلى تفكك هذه البلاد و مرورها بعملية سفك دماء لا توصف.

 

و شهدت منطقة الشرق الأوسط تطوراً مماثلاً، حيث جرت محاولة لاستغلال التطلعات الشعبية من أجل حقوق اجتماعية وديمقراطية، و المتاجرة بها. حيث تجلت عبر مطية "الربيع العربي" عملية "إعادة تشكيل" للتحالفات الدولية مع احتمال إجراء بعض التحديث البرجوازي. حيث قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و"حلفائهم" في المنطقة كما هي الأنظمة الاستبدادية في الخليج وتركيا، بدعم و تدريب ما يسمى ﺑ"جهاديي"، ما يسمى ﺑ"الدولة الإسلامية" لتسويق مخططاتهم.

 

كما و ينطلي ذلك على التطورات في سوريا، حيث تتورط روسيا بعد تورط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في كومة المزاحمات، حيث لا تفوح هناك"رائحة البارود" فحسب، بل هناك تهديد باندلاع انفجار أوسع في الشرق الأوسط وشرق المتوسط. هناك خطر حقيقي لتفجير المنطقة بأسرها.

 

هذه هي بالضبط التناقضات الكبيرة في المنطقة، التي تزيد من خطر تعميم الصدامات الحربية، ما دامت تصطدم في منطقتنا الأوسع، المراكز الإمبريالية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي و قوى قديمة و جديدة صاعدة مثل روسيا والصين وتركيا وإسرائيل ودول ممالك الخليج. مع خطر حقيقي لتوريط أكبر لبلدان أخرى في هذه الحروب، كاليونان.

 

لقد قامت حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين فقط في اﻠ7 أشهر الأولى من حكمها، بالاقتراح تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي لإنشاء قاعدة جديدة في كارباثوس، و إنشاء وحدة تحكم و قيادة متعددة جنسيات لحلف شمال الاطلسي في كريت، ولكن أيضا باقتراح توسيع وتعزيز قاعدتهما العسكرية في سوذا!. بينما هي مستعدة الآن لقبول طلب الولايات المتحدة امتلاك محطة طائرات مُسيَّرة «drones»  للقوات الجوية الامريكية على الأراضي اليونانية وتحديدا في جزيرة كريت، من أجل قصف المنطقة وبالطبع خلق موجات جديدة من تدفق اللاجئين، لتدفع الشعوب ثمن ذلك و من ضمنها الشعب اليوناني ذاته.

 

و تحضُرُ مسألة المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى المشهد بوضوح أكبر، في الحرب الشرسة الجارية بين القوى الإمبريالية، القديمة والجديدة، و هو ما يزيد من توريط بلدنا في مخاطر الإنخراط في حرب إمبريالية مع الإصطفاف بجانب حلف الذئاب هذا أو سواه.

حيث تخدم مشاركة الحكومات اليونانية في هذه المخططات، مصالح الرأسمال اليوناني في توسيع حصته خلال إعادة اقتسام الأسواق، أي خلال عملية النهب الجارية على حساب الشعوب.

و تتورط الحكومة اليونانية لحساب الطبقة البرجوازية و الرأسمال اليوناني في مزاحمات حول المسارات الطاقوية لخطوط الأنابيب، مثل خط الانابيب الادرياتيكي TAPمع التسويق لهدفها تحويل البلاد لعقدة طاقية.


حيث لن نستطيع فهم هذه التطورات بعمق و رؤية ما يجب عمله، إذا لم نرى سلسلة من العوامل و هي:

 

على سبيل المثال: السمة المتزامنة للأزمة الرأسمالية في العقد الأخير، و هي المتعلقة بأعتى الدول الرأسمالية، التي تحقق و بتشكيك إعادة إنتاج موسع زاخم و بمعدلات ما قبل الأزمة. حيث تعود الأزمة ذاتها إلى طبيعة النظام الرأسمالي ذاته و تظهر حدوده التاريخية.

و تتحقق في ظل هذه الظروف عمليات إعادة ترتيب في ميزان القوى بين الدول الرأسمالية، مع صعود قوى جديدة تسعى لإعادة إقتسام الأسواق لصالحها.

حيث يجري هذا المسعى بكل الوسائل الاقتصادية و الدبلوماسية، عبر توافقات واتفاقات هشة، ولكن كما و بالوسائل العسكرية عندما لا يكون تحقيقه ممكنا بالوسائل السالفة. هكذا تعمل الرأسمالية، التي هي نظام الاستغلال.

هذا و تنطبق في الواقع تماما مقولة "إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى". حيث يلجأ النظام والطبقة الحاكمة حين العجز عن خدمة مصالحهم في النهب، نحو شن حرب مفتوحة. و هو ما أثبت تاريخيا عدة مرات.

دعونا لا ننسى حقيقة وقوع أزمتين رأسماليين عالميتين قبل اندلاع الحربين العالميتين.

 

و يتمثل تعسف تاريخي كبير في ما يقال و يكتب في كتب التاريخ، والاقتصاد السياسي البرجوازي، التي يتم تدريسها لأولادنا في المدارس والجامعات، و هو ما تقوم بتأييده مختلف قوى الاشتراكية الديمقراطية، كما هو حال سيريزا في اليونان اليوم و سواه من قوى الإنتهازية ضمن الحركة الشيوعية، و هو الإدعاء بأن تجاوز الأزمة الرأسمالية الكبيرة في فترة 1929-1932 كان قد تم عبر تبني الإدارة الكينزية!. إننا هنا بصدد سعيهم لتبرير خيار خليطة إدارتهم و استراتيجيتهم المناهضة للشعب، على غرار خيارات سيريزا في بلدنا.

 

ففي الواقع، كان تجاوز الأزمة في نهاية المطاف قد جرى عبر التدمير الهائل للقوى المنتجة الذي جرى في الحرب العالمية الثانية التي كان قد سبقها تكييف الاقتصاد مع الصناعة الحربية.

 

حيث ليست هذه المسائل ذات سمة أكاديمية و نظرية. بل هي مسائل تتوجب معرفتها و في المقام الأول من قبل الأجيال الجديدة. فهي تشكل خبرة تاريخية ينبغي استخدامها لنرى كيفية سير التطورات اليوم و إلى أين تذهب الأمور و ماهية ما ينبغي القيام به للتخلص من هذه الهمجية.

يعجز النظام الرأسمالي، وخاصة اليوم في مرحلته الإمبريالية، أي العليا والأخيرة، عن تقديم أي شيء إيجابي للعمال و الشعوب، سوى تقديمه لتكثيف الاستغلال الطبقي والاضطهاد والوحشية الغاشمة، و للأزمات الاقتصادية والحروب .

حيث تشهد كل هذه الأمور لقاطبة شعوب العالم بحقيقة عظيمة و هي: حقيقة سير الأزمة الرأسمالية والحرب الإمبريالية يداً بيد.

هذا هو السبب اليوم لاكتساب شعار "على الشعب وخاصة الشباب ألا يسفكوا دمائهم من أجل مصالح رأس المال، والمستغلين"، أهميته الخاصة.

حيث لا يتحقق هذا الشعار فيما يتعلق بعمال بلداننا، حين مشاركة بلداننا في المنظمات الامبريالية مثل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، و هي المشاركة التي تقبلها جميع الأحزاب البرجوازية من ليبرالية و اشتراكية ديمقراطية من أحزاب يمينية و يسارية مزعومة، كما هو حال حزبي الجمهورية الجديدة و سيريزا في اليونان، حتى و حال منظمة الفجر الذهبي، النازية.

و لا يُضمن تحقيقه عِبر المنطق الذي تغذيه مختلف الأحزاب، و هو القائل بوجوب اختيار الإصطفاف بجانب تكتل إمبريالي ما أو تكتل تحالفات جيوسياسية دولية، معينة.

فشيء آخر تماما، هو استغلال سلطة عمالية شعبية ما، لواقع التناقضات القائمة و تباين مصالح الدول الرأسمالية، وشيء مختلف هو الانضمام إلى تحالف الامبريالي و اتحاد دول رأسمالية، مع امتلاك وهم قائل بإمكانية أن يصب ذلك في مصلحة الطبقة العاملة والشعب و منظور السلطة الشعبية والاشتراكية.

 

إننا نعتقد بوجوب استغلال الحركة الشيوعية للتناقضات الامبريالية البينية، بهدف إضعاف التحالفات الإمبريالية و زعزعة استقرار السلطة الرأسمالية في بلدها أو في بلد آخر، سواء أكان البلدان مهاجماً أم مدافعاً.


و لكيما يستغل حزب شيوعي معين و بشكل صحيح التناقضات الامبريالية البينية القائمة، ينبغي ألا يُحتبس ضمن مخططات أي مركز إمبريالي، بل أن يدافع عن المصالح الحيوية للطبقة العاملة في بلده و إقليمياً و على المستوى العالمي.
و في هذا الاتجاه يسعى الحزب الشيوعي اليوناني لتسليط الضوء جماهيرياً على عواقب مشاركة البلاد في الإتحادات الإمبريالية و تدخلاتها و حروبها الإمبريالية، التي تقع على الطبقة العاملة والشعب. و ذلك مع فتح جبهة في مواجهة نعيق التوسع القومي مع عزل القوى الفاشية ومؤيدي التوجه الأوروأطلسي و كل أولئك الذين يعملون على تشكيل "تيار مؤيد للحرب".

إن حزبنا يطرح و بشكل علني مسألة انسحاب اليونان من جميع التحالفات الإمبريالية، كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن تأمين ذلك يكون عبر سلطة عمالية شعبية عبر مسار التطور الاشتراكي.


و نؤكد في الوقت نفسه أن النضال من أجل الدفاع عن حدود اليونان وحقوقها السيادية، من زاوية الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، هو جزء لا يتجزأ من النضال من أجل إسقاط سلطة رأس المال، وبالتأكيد، ليس له أية علاقة بالدفاع عن مخططات هذا القطب الامبريالي أو سواه، أو عن ربحية هذه المجموعة الاحتكارية أو سواها.
حيث في رأينا أن هناك للشرائح الشعبية و شبابها، خيار واحد فقط:

و هو وضع حد للنظام الذي يولد حتما الاستغلال والأزمات والحروب، و أن يوجهوا القوى المنتفضة المكافحة نحو إسقاط الرأسمالية وبناء المجتمع الاشتراكي الجديد.


الرفاق الأعزاء،


لقد انتقلت الطبقة البرجوازية اليوم مع استفادتها أيضا من واقع موازين القوى السلبي دولياً، نحو "هجمة" أيديولوجية، حيث لا تسعى فحسب للفوز فقط بالتسامح السلبي، بل تسعى أيضا لكسب دعم الجماهير العمالية الشعبية الفاعل لمخططاتها الإمبريالية ضمن مسائل التدخلات والحروب الإمبريالية.


حيث تُستخدم هنا إضافة لمسألة الدفاع عن "الوطن" ذرائع جديدة أخرى مثل "تسويق الديمقراطية"، و "الأسباب الإنسانية" و "مكافحة الإرهاب"، و "مكافحة القرصنة"، و "عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل" و" منع تدفق تيارات اللاجئين و الهجرة" و" حماية الأقليات الدينية والعرقية "، وغيرها.

و لسوء الحظ، لا زالت هناك حتى قوى تطلق على نفسها اسم "اليسارية" و "التقدمية"، والعمالية التي تقبل بهذه الذرائع الإمبريالية.

ونحن نعتقد أن مسؤوليات كبيرة تقع على تلك القوى المشاركة في ما يسمى ﺑ"حزب اليسار الأوروبي" و هي التي صوتت لصالح تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا،  و قبلت بذرائع الإمبرياليين في سوريا، على غرار ما فعلت في وقت سابق مع التدخلات الامبريالية في يوغوسلافيا وأفغانستان، و في العراق.

 

حيث لا ينبغي على العمال في ظل ظروف تفاقم التناقضات الامبريالية البينية، أن يذعنوا للأوهام القائلة بإمكانية تجنب الحرب من خلال "موائد مستديرة" و "أنظمة أمن إقليمية". إن أحداث سوريا و أوكرانيا و غيرها تظهر أن "مسار الحل السلمي" لحل مشكلة اقتسام الأسواق، يبقى مغلقاً في بعض الأحيان في وجه الرأسمالية والامبريالية. و حينها يتمثل "المنفذ" الوحيد للإقتسام الجديد للأسواق ومناطق النفوذ عبر العنف و الصدامات العسكرية و الحروب الامبريالية الجديدة.

 

و تضطلع الحركة الشيوعية بواجب التمسك بموقف أيديولوجي وسياسي، مستقل حازم، و أن تكافح ضد أي محاولة تجري لدمج الشعوب في تطلعات الطبقات البرجوازية "الأقدم" أو "الجديدة الصاعدة" و قطاعاتها.

 

حيث من المهم على وجه الخصوص امتلاك الحركة الشيوعية "لجبهة" أيديولوجية سياسية ثابتة ضد كل قوة إمبريالية، بصرف النظر عن"لونها".

 

أيها الرفاق الأعزاء ،

 

يجب علينا أن لا نغفل عن حقيقة تواجد صراع ضمن نطاق المزاحمات الشرسة والتي تأخذ و بالتناوب سمات حرب دبلوماسية و اقتصادية و سياسية، حول مسألة اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار (TTIP)، والتي تسير على نحو شديد البطئ، ما دامت قطاعات من الطبقتين البرجوازيتين في ألمانيا و فرنسا تعتقدان بأن المقترحات الأمريكية هي عبارة عن"حصان طروادة" لضمان هيمنة الولايات المتحدة في أوروبا على المدى المتوسط.

إن الإجراءات الأمريكية الأخيرة لكشف فضيحة تلويث سيارة «فولكس فاغن» و خطواتها السابقة المماثلة لكشف الصندوق الأسود لمجموعة «سيمنز» هي أمثلة عن احتدام المزاحمة بين الولايات المتحدة و ألمانيا على الصعيد الاقتصادي.

حيث يتضح تكثيف الضغوط الامريكية على ألمانيا للمضي قدما في اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار.


و تتمثل "جبهة" أخرى في الصراع الجاري داخل الاتحاد الأوروبي ذاته، حول مسائل زيادة تعميق التوحيد الرأسمالي للإتحاد الأوروبي من عدمه، حيث تقوم فرنسا وإيطاليا بالتشكيك ﺑ"ريادة" ألمانيا كما بقوم بذلك بريطانيا على وجه مميز و طويل الأمد.

 

و بالإضافة إلى ذلك، تتمثل مسألة خاصة وكبيرة في مواجهة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع روسيا في المشكلة الأوكرانية المرتبطة بالسياسة الطاقوية في أوروبا و على نطاق أوسع.

 

كما و هامة أيضا هي مسألة احتدام التناقضات بين الولايات المتحدة و الصين، في مرحلتها الأولى على المستوى الاقتصادي، في وقت تواجد حراك مكثف على المستوى العسكري، من أجل السيطرة على المحيط الهادئ.

 

و على خلفية المزاحمات الجارية بين دول رأسمالية عاتية و أقل قوة، تبقى دون حلٍ، سلسلة من التناقضات والصراعات الجارية حول تحديد الحقوق السيادية في منطقة شرق المتوسط الغنية باحتياطات الهيدروكربونيات، حيث نموذجية على ذلك هي أمثلة حالة الحرب بين إسرائيل و لبنان، و المسألة القبرصية والفلسطينية، و الطابع التناقضي للعلاقات بين اسرائيل و تركيا.

 

و تشكل كل هذه الأمور خطر مواجهة الامبريالية معممة في الشرق الأوسط و بشكل عام في أورآسيا والعالم، و هي و عن صواب تشغُلُ الشيوعيين.

 

الرفيقات و الرفاق،

 

في الحقيقة ليست الطبقة البرجوازية في بلادنا، كما و البرجوازية الأوروبية، متماشية حول ماهية الوصفة التي ستسهم في تحقيق انتعاش رأسمالي أسرع و أكثر ثباتاً. حيث تتبدى حول هذه الوصفات و تلاوينها جملة شبكة من التناقضات الامبريالية البينية، مع محاور و محاور مضادة تتغير في كثير من الأحيان، وبينما حاضر هو وعي حقيقة عجز النظام الرأسمالي، وخاصة في أوروبا الرأسمالية، عن استخدام الوسائل الكينزية بذات الأسلوب المعهود، و الاستثمارات الإنتاجية للدولة و المنح الإجتماعية المعممة من أجل إنعاش السوق.


حيث تجري مواجهة في ذات الميدان و من أجل ذات الهدف الطبقي، بين نموذجي الإدارة الكينزية والليبرالية الذين تناوبا خلال القرن العشرين، وبالتأكيد لم يتمكنا من إلغاء دورات الأزمة الإقتصادية، وعشرات الحروب المحلية من أجل إعادة اقتسام الأسواق، وتغيير المراتب العليا في الهرم الامبريالي.


إن تحديد طابع استراتيجية وتكتيك الأحزاب لا يكون عبر تسميتها لنفسها(يسارية، اشتراكية، شيوعية) بل عبر كيفية عملها تجاه المصالح الأساسية لطبقات المجتمع، و في المقام الأول تجاه طبقتي المجتمع الرئيسيتين: أي الطبقة البرجوازية والطبقة العاملة.

و أيضا عبر كيفية مواجهتها للشرائح الاجتماعية الوسطى التي تتصف بتدرُّجٍ كبير و بتباين في مصالحها الذاتية و مع مصالح الطبقة العاملة.

 

حيث لا تتبع سياسة دعم المصالح العامة للطبقة البرجوازية فحسب من قبل الأحزاب البرجوازية الليبرالية، بل أيضا من قبل أحزاب ذات مرجعيات: يسارية و اشتراكية أو شيوعية، هي أحزاب تدعو الطبقة العاملة والشرائح الشعبية للمساهمة في دعم أهداف الطبقة الرأسمالية، على سبيل المثال في "إعادة الهيكلة الإنتاجية" و "تحسين الإنتاج الوطني في الاقتصاد" و "تحديث" الهياكل الاقتصادية والسياسية البرجوازية و ما إلى ذلك. أي أن هذه الأحزاب تدفع الشعب للنضال تحت راية أجنبية لا تحت رايته الخاصة، و لاختيار هذه أو سواها من حكومات الإدارة المناهضة للشعب.

 

كما يجري في بلادنا حيث احتبس الشعب في مسألة الحكم، "و يقوم بإسناد" عملية إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي في ظروف تدهور الأحزاب البرجوازية السابقة و الإشتراكية الديمقراطية.

و يلاحظ في مثل هذه الظروف وجود حراك ضمن الأحزاب البرجوازية، و على حد السواء في الأحزاب ذات الأيديولوجية الليبرالية و الاشتراكية الديمقراطية.

و في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية المديدة في اليونان، تمظهرت من جهة، القومية الإشتراكية- الفاشية في شكل حزب برلماني عبر انتزاع قوى من حزب الجمهورية الجديدة، و من جهة أخرى أعيد تشكيل الاشتراكية الديمقراطية عبر تشكيل سيريزا الذي دمج قوى انتهازية متشكلة خلال اﻠ25 عاماً الأخيرة.


و في ذات الوقت يستمر الحراك ضمن يسار الوسط و الاشتراكية الديمقراطية (الباسوك) و ضمن حيز الانتهازية باعتباره تياراً من الحركة الشيوعية (أندارسيا و حزب الوحدة الشعبية و سواها من القوى الأخرى التي تدعي أنها ستنشئ حزب عمال ثوري جديد).


و يقوم حزبنا بدراسة عمليات إعادة الترتيب المذكورة التي كانت ذات تأثير سلبي على التأثير الانتخابي للحزب الشيوعي اليوناني ذاته، خلال السنوات الثلاث الماضية، على الرغم من أن الحزب لا يزال يحافظ على قوى هامة على حد سواء على مستوى مجلس النواب اليوناني أو البرلمان الأوروبي، و لا يزال الحزب يحافظ بشكل رئيسي على مداخلات المبادرة الكفاحية في وقت انحسار كبير للأمزجة والحركة. و يتمكن الحزب من التأثير على قوى أوسع بقدر كبير من نفوذه الانتخابي ضمن النضالات العمالية و الفلاحية و الشعبية التي تجري من أجل بقاء الشعب.

هذا و بعد تجربة سيريزا الفاشلة، انخفضت نبرة بعض زاعمي إرادة الخير المهتمين بتعزيز الحزب الشيوعي اليوناني الذين كانوا قد انتقدونا لعدم تسويق تعاوننا مع سيريزا أو مع أجزاء منه من أجل تجنب انحدار مستوى معيشة الشعب، على أن يؤجل النظر في كيفية تطور النضال نحو الاشتراكية، لأن من المفترض أن كل هؤلاء لا زالوا ثابتين تجاه هذا المنظور.

إنهم يطرحون علينا إعادة تجريب سياسات سلبية اختبرت في اليونان، و على سبيل المثال: التعاون مع حكومة يورغوس باباندريو بعد التحرير عام 1944 أو دعم حزب اتحاد الوسط من قبل اليسار الديمقراطي الموحد الذي كان الشيوعيون يعملون عبره خلال عقد الستينات قبل حكم الدكتاتورية العسكرية. حيث جرب تناوب صيغ الإدارة قبل الأزمة في العديد من الدول الرأسمالية الأوروبية، و اختبرت وصفات يسار الوسط ويمين الوسط، و بمشاركة من أحزاب شيوعية و قوى تجديدية انتهازية أخرى كانت قد نتجت عن انشقاقات في أحزاب شيوعية. و شهدنا حتى حضور حكومات بمشاركة أحزاب اليمين المتطرف لمدة قصيرة نسبيا، بما في ذلك في النمسا و هولندا و النرويج و غيرها. كما و شهدنا تناوباً بين أحزاب متبنية لمختلف وصفات الإدارة البرجوازية في أمريكا اللاتينية.
إنهم يقترحون علينا تجاهل العلاقة بين السياسة والاقتصاد، و يقولون بأن علينا ننسى واقع سيطرة الإحتكارات في كل مجالات الاقتصاد والبنية الفوقية و حقيقة تعزيزها عبر عملية التمركز، و أن اندماج اليونان في الاتحاد الأوروبي يتطلب حكماً تقديم تعهدات و تبعيات أكبر و قيوداً جديدة و تنازلاً عن حقوق و صلاحيات.


إنهم يطرحون أن نتغاضى عن حقيقة توسع العلاقات الرأسمالية ضمن مجال الإنتاج الزراعي والتعليم والصحة، والثقافة والرياضة و وسائل الإعلام. و عن واقع حضور مزيد من التركيز في مجال الصناعات التحويلية والتجارة والبناء والسياحة. و عن واقع تطور مؤسسات رأسمالية خاصة في مجالات الاتصالات والطاقة بعد إلغاء احتكار الدولة لها. حيث تنقض كالغربان مجموعات احتكارية أوروبية عملاقة، لشراء حصص استثمارية، و شركات و أراضٍ، في حين اندلاع الإهتمام بمنظور استخراج النفط والغاز في منطقة بحر إيجه و البحر الأيوني، ومنطقة جنوب جزيرة كريت.

 

أي أنهم يطرحون علينا أن ننسى حقيقة أن الطبقة الحاكمة اقتصادياً هي طبقة الرأسماليين والاحتكارات و أن الحكومة والبرلمان عبارة عن هيئات لها.

حيث يقبل حزب سيريزا الحاكم أيضاً، بمقولة أن الاحتكارات والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الرأسمالية و تنافسيتها، هي عبارة عن القوة المحركة للاقتصاد.

و قد كان دور سيريزا قيماً للغاية بالنسبة للطبقة البرجوازية، و بشكل أساسي من ناحية تجنب حضور عدم الاستقرار السياسي في ظروف الأزمة الاقتصادية المديدة، و ظروف الإنخفاض الكبير في الدخل العمالي الشعبي. فوحده حزب ذي مرجعية اشتراكية ديمقراطية كسيريزا، كان القادر على التصدي لردود الفعل الشعبية الجماهيرية، وفقاً لاعتراف يونكر.

 

حيث ركزت بعض الأحزاب الضوء مع وجود اختلافات في تلاوينها، على إمكانية مسألة مواجهة النظام "الاستعمار الجديد" في البلاد نظراً لوقوعها تحت هيمنة و إكراه الترويكا و أن البلاد فقدت أو تخاطر بفقدان وجودها القومي واستقلالها، باعتبارها مسألة رئيسة قادرة على تحقيق تعاون بين القوات المناهضة للمذكرة.


و بالتأكيد تتواجد اليونان في موقع أدنى داخل التحالفات الإمبريالية المهيكلة التي تشارك فيها (كالاتحاد الأوروبي والناتو وصندوق النقد الدولي و سواها). و مع ذلك فإن موقعها هذا ينتج من قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، كدولة رأسمالية. و من موقعها هذا، تنبع علاقات غير متكافئة تسود بين الدول الرأسمالية المتحالفة، و في العلاقات التنافسية التي قد تصل إلى القطيعة و الحرب، و هي مع ذلك لا تنقض الأساس المشترك للتحالف.

 

لقد أثبت التاريخ المخاطر المتأصلة في التنمية غير المتكافئة للدول الرأسمالية، و في العلاقات التنافسية الغير متكافئة بينها، حيث عندما لا تحل الخلافات بينها من خلال الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية، يجري اختيار وسيلة الحرب و عنف الدولة. فالرأسمالية لا تعزز فقط عملية التدويل الرأسمالي والأشكال المختلفة للإتحادات الإمبريالية الرسمية أو غير الرسمية، و هي لا تستلهم من الكوسموبوليتية فقط، بل أيضا و من القومية والانسلاخ الحربي.

إن إعلان جميع الأحزاب بأن المشكلة اليونانية هي مشكلة سائر أوروبا، هو مترافق مع الموضوعة القائلة باستحالة قيام أي تغيير على المستوى الوطني لصالح الشعب، إلا عبر التناوب الحكومي، أي عبر تناوب الطواقم السياسية للنظام دون أن تمس الاقتصاد. أي أنه ليس باستطاعة الشعب المطالبة بمجتمع آخر، مجتمع الإشتراكية.

 

و تغذي هذه الموضوعة وجهة النظر الطوباوية التوافقية القائلة بأن الإنقلابات و التغييرات الجذرية ستجري بالتزامن في جميع أنحاء أوروبا أو على الصعيد العالمي، أو أنها لن تقوم أبداً في أي مكان. و عبر هذا الشعار تطالب الحكومات "اليسارية" كحكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين، الشعب و العمال بالخضوع أمام المزيد من تدهور مستوى معيشهم.

تملك اليونان في الوقت الحالي إمكانيات إنتاجية كبيرة غير مُستغَلَّة، بالإمكان تحريرها حصراً عبر فرض التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج من قبل سلطة شعبية عمالية، و تخطيط مركزي علمي للإنتاج و رقابة عمالية في كل مستويات التنظيم. إن الموضوع الذي نطرحه هو وجود الظروف لإمكانية تلبية الحاجات الشعبية وليس عموما، بل الحاجات الشعبية المعاصرة. أي إلغاء البطالة، والحد من ساعات العمل، وزيادة الوقت الحر. و ضمان مستقبل آمن لأولاد العاملين و التحسين المستمر و الجوهري لمستوى معيشة الشعب. و إجراء تنمية لا تتعارض مع البيئة، و أن يقوم نظام الصحة على الوقاية الصحية و على شبكة واسعة من الخدمات المجانية و العامة حصرا و سواها من المسائل التي نطرحها في موضوعاتنا. كما و أن تتحرر الأسرة ولا سيما المرأة من مسؤولية رعايتها الفردية الحصرية تقريبا للأطفال وكبار السن والمرضى المزمنين، و أن تمتلك خدمات طويلة المدى لدعم الأمومة و مزايا إيجابية من أجل الجمع بين الأمومة والعمل الاجتماع و امتلاكها المزيد من الوقت للنشاطات الثقافية والاجتماعية والمشاركة في الرقابة العمالية.

و تمتلك اليونان مصادر محلية هامة للطاقة و ثروة باطنية قيمة، و إنتاجاً صناعياً و حرفياً و زراعياً بإمكانه تغطية جزء كبير من الحاجات الشعبية، كالغذاء والطاقة والنقل ومشاريع بناء البنية التحتية العامة و الإسكان الشعبي.حيث يمكن للإنتاج الزراعي دعم قطاعات مختلفة في الصناعة.

حيث مختلف هو موقف سيريزا و غيره من الأحزاب، المطالب بإعادة جدولة جديدة للديون، المتبني لموقف صندوق النقد الدولي، وشيء آخر هو موقف الحزب الشيوعي اليوناني القائل بإلغاء من جانب واحد لجميع الديون وليس الحد منها مع تبني تدابير و مذكرات تعويضية جديدة، و رزم إجرائات جديدة مناهضة للشعب، مع عمليات خصخصة للقطاعات الاستراتيجية، و الإستثمارات الرابحة و ما إلى ذلك.

 

و أمر آخر هو اقتراح البعض الانسحاب من منطقة اليورو أو الرأي القائل بأن اليورو ليس صنماً، و أمر آخر هو موقف الحزب الشيوعي اليوناني حول فك ارتباط اليونان عن الاتحاد الأوروبي.

و مختلف هو موقف الحزب الشيوعي اليوناني القائل بعدم المشاركة في الاتحاد الإمبريالي و هو ما ستضمنه سلطة عمالية شعبية، عن أمر الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بغرض ترقية المشاركة في مراكز أخرى.

 

و مختلف هو مقترح الحزب الشيوعي اليوناني بصدد حكم السلطة العمالية الشعبية، عن اقتراح سيريزا بصدد حكومة"اليسار". و خصوصا أن الشعب اليوناني الآن يعرف عن ظهر قلب حكم " اليسار للمرة الأولى والثانية" الذي يصوت لصالح المذكرات و شروطها الأساسية المناهضة للشعب.

ففي الحالة الأولى، هناك تغيير جذري في السلطة السياسية، و في الثانية هناك تغيير في الأشخاص، الذين سوف يتحركون على نفس مسار سابقيهم، نظراً لأن زعيم القرارات والخيارات لتحقيق الانتعاش الرأسمالي، يتمثل بالاحتكارات، ورأس المال.

 

الرفيقات و الرفاق،

 

لقد واجه حزبنا منذ وقت مبكر في عقد التسعينات الرؤى الإصلاحية و الانتهازية، القائلة بأننا نعيش فترة العودة إلى الليبرالية، التي تسمى نيوليبرالية و بضرورة قيام جبهة مناهضة للنيوليبرالية. إن هذه الموضوعة تهيمن اليوم، وحتى أنها تستخدم بوصفها السبب الجذري للأزمة، عبر البدعة التي يستخدمها سيريزا على نطاق واسع مع الاشتراكية الديمقراطية أساسا. حيث أثبتنا و بحجج معينة على أن التخلي عن الإدارة الكينزية كان خياراً قسرياً متجاوباً مع حاجات رأس المال لإعادة إنتاجه الموسع، بعد وقوع الأزمة المعممة في بدايات عقد السبعينات.
و مع ذلك فقد تبنت العديد من الأحزاب الشيوعية راية البرامج الكينزية وعلى هذا الأساس راية التعاون مع الاشتراكية الديمقراطية. واستند موقفها هذا على معضلة ما إذا كانت ستنجر نحو النيوليبرالية أم لا. و بهذا الشكل، أضعفت للغاية الجبهة الإيديولوجية في مواجهة الاشتراكية الديمقراطية، تحت اسم وحدة الطبقة العاملة (والتي كانت تهدف إلى خلق حكومة مشتركة مع الاشتراكية الديمقراطية أو قطاع منها)، لقد قامت الأحزاب الشيوعية بتراجعات سياسية و أيديولوجية خطيرة، في حين كانت إعلانات الاشتراكية الديمقراطية بصدد الوحدة، تستهدف انتزاع الطبقة العاملة بعيداً عن تأثير الأفكار الشيوعية و إعتاقها الطبقي.


إن التراث اللينيني العظيم هو راهني، كما و دَرسُهُ القائل بأنه ما بالإمكان تصور انتصار الطبقة العاملة والشعب المستغل، وحتى مع صعود الصراع الطبقي دون ترافقه بشن نضال لا هوادة و توافق فيه ضد الانتهازية. حيث مختلف هو محتوى النضال في ظروف تطور الثورة البرجوازية، عن محتوى نضال اليوم في مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية في ظروف أعلى مراحل الرأسمالية.

و إلى جانب ذلك، فما من حزب يتبوأ الحكم، إن لم يكن قد قدم أوراق اعتماده المناسبة إلى الرأسماليين كطبقة، و إلى هيئاتهم المحلية والدولية. و هو ما تؤكده أفعال سيريزا. حيث ليس سوى أسطورة الزعم بقدرة حق الاقتراع العام ضمن الرأسمالية، على تغيير ميزان القوى بين الطبقات المتناحرة. ولذلك، فإن التساؤل ما إذا كانت حكومة برلمانية قادرة على دفع افتتاح العملية الثورية، هو غير واقعي و طوباوي، ونحن نقول بأنه تساؤل مضلل تماما، وهو ما أكدته تجربة القرن اﻠ20 و مطلع اﻠ21.

يولي الحزب الشيوعي اليوناني اهتماما لجميع أشكال النضال في ظروف غير ثورية كالحاضرة الآن. و يستخدم الحملة الانتخابية و قوته البرلمانية لتنوير الشعب، لكشف ما يخطط ضده، و لوضع العوائق الممكنة أمام تدابير مناهضة للشعب و العمال اعتماداً على ميزان القوى القائم، و في المقام الأول من أجل تعزيز الصراع الطبقي، و من أجل تحقيق أوسع فهم جماهيري ممكن لضرورة الصدام و المنظور، الشاملين.

و ضمن هذا السياق يرمي الحزب الشيوعي اليوناني ثقلاً في إعادة تنظيم الحركة العمالية الشعبية و بناء التحالف الاجتماعي، مع تصعيد الصراع الطبقي، وتوسيع روابط الحزب الشيوعي مع قوى جديدة من العمال و العاملات وغيرهم من العمال والمزارعين و صغار الكسبة،و بشكل رئيسي مع شباب و نساء الأسر الشعبية، عبر بناء منظمات حزبية قاعدية قوية في جميع مواقع العمل في القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد.


إن خوض الصراع ضد الرأسمالية والتدخلات والحروب الإمبريالية و ضد الفاشية و النازية التي تطل برأسها لمرة أخرى، يشترط وجود أحزاب شيوعية قوية في بلداننا مع امتلاكها لاستراتيجية صدام و انقلاب، و يشترط وجود التنسيق والعمل المشترك، ولا سيما ضمان العمل المشترك استراتيجياً و إعداد القوى ضد الاستغلال الرأسمالي والهمجية الامبريالية، و تمهيد الطريق أمام المستقبل الوحيد الواعد للإنسانية، مستقبل الاشتراكية.


إن حاضرنا، هو فترة الحسم لوجود الطليعة الثورية و الحفاظ عليها وإعادة تنظيمها، لتكون قادرة على توجيه الجماهير العمالية الشعبية المنتفضة نحو المنفذ الثوري، حيثما تنضج تناسباً مع الأوضاع و المزاجات عند حضور أزمة السلطة البرجوازية، الحادة و المعممة.


لقد تولى الحزب الشيوعي اليوناني، مسؤولية تنظيم اللقاءات الأممية بعد الثورة المضادة، و سيواصل المحاولة و على الرغم من الصعوبات، سواء من خلال اللقاءات الأممية، كما و عبر سواها من الصيغ الأخرى، و هي التي في رأينا ليست في تناقض مع هذا اللقاء، بل تعمل تدعيمياً و ترويجياً للعمل المشترك و لتشكيل استراتيجية ثورية موحدة للحركة الشيوعية على أساس مبادئ الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية.


فكما قال الشاعر الشيوعي التركي العظيم ناظم حكمت: "منذ قرون نملك زخمنا...سنخرج منتصرين و لتكن  تضحياتنا جسيمة" ... أجل. مهما تكن تضحياتنا جسيمة في هذا العالم الفاسد، فإننا سنغرق مركب القراصنة هذا، سوف نغرقه و ليفقع الشيطان/ وسوف نبني عالماً حراً، مفتوحاً، مفعماً بالأمل".

 

 

30.10.2015