روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

الفصل الثالث

تقييم التطورات في اليونان

التطورات في الاقتصاد اليوناني

20. يتجه الاقتصاد اليوناني إلى الانتقال نحو التعافي الهزيل عام 2017. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الاتجاه يعتمد على معايير أخرى و لا سيما على تطورات الاقتصاد الدولي.

و عبر حساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010، تصل نسبة انكماشه خلال خمس سنوات 10.4٪، في حين بالمقارنة مع بداية مرحلة الأزمة عام 2008، فإن نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 26٪. هذا و انكمش الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 بنسبة 0.2٪، في حين يتوقع أن تصل نسبة انكماشه عام 2016، 0.3٪. و سجل مؤشر حجم الإنتاج الصناعي عام 2015 ارتفاعا هزيلاً بنسبة 0.7٪ منذ عام 2007، وهو اتجاه استمر في النصف الأول من عام 2016. و كانت الصناعات التحويلية الديناميكية قد تمثلت في صناعة النفط، والمنتجات الدوائية و المنتجات الكيماوية والمعادن الأساسية.

هذا و لم تتغير الهيكلية القطاعية للاقتصاد اليوناني بشكل كبير في السنوات الأربع الماضية. حيث لوحظت زيادة طفيفة في حصة القطاع الأولي من إجمالي الإنتاج الجديد من نسبة 3.7٪ عام 2012 إلى 4 ٪ عام 2015، والقطاع الثالث من 80.1٪ عام 2012 إلى 81،8٪ عام 2015، مع تراجع في القطاع الثانوي (الصناعات التحويلية والطاقة والبناء و الصناعة الاستخراجية) من 16.2٪ عام 2012 إلى 15.2٪ عام 2015.

و جدير بالذكر-بعيداً عن المشاكل المنهجية الأشمل للفصل بين القطاع الأولي والثانوي والثالث- فإن الأحجام المذكورة أعلاه تتأثر بحقيقة أن عددا من فروع الصناعة، كالاتصالات والنقل، تصنف حسب الإحصاءات البرجوازية ضمن القطاع الثالث. حيث تصبح المشكلة المنهجية المذكورة أعلاه، أكبر في اليونان، نظراً لأن الشحن البحري (الذي ينتمي إلى قطاع النقل) يشكل تاريخياً أقوى فروع الاقتصاد الرأسمالي اليوناني.

حيث احتل الشحن البحري المملوك من قبل يونانيين، عام 2015 المركز الأول عالميا، مع زيادة قدرة سفنه و حصصه الكبيرة في الأسطول العالمي لناقلات النفط و سفن شحن الصب، و هو على درجة عالية من استغلال عمال هذا الفرع.

واستمر خلال السنوات الأربع الماضية الاتجاه النزولي في عدد أرباب العمل و العاملين لحسابهم الخاص بسبب الأزمة، بينما كانت هناك زيادة هامشية في عدد العاملين بأجر. و على نحو أكثر تحديدا، انخفض عدد أرباب العمل من 261 ألفاً عام 2012 إلى 248 عام 2015، و انخفض عدد العاملين لحسابهم الخاص (الذي يضم المزارعين ضمنه) من 908 0ألفاً إلى 856 وارتفع عدد العاملين بأجر على نحو طفيف من 2.34 مليوناً إلى 2.35 مليون. كما و انخفض عدد الأعضاء المساعدين في الشركات العائلية الصغيرة من 185 ألفاً إلى 158.

إن هذه التغيرات لم تحول بشكل كبير النسب البينية و المعدلات في جملة المُشغَّلين: حيث انخفضت نسبة أرباب العمل من 7.7٪ إلى 6.9٪، ونسبة العاملين لحسابهم الخاص، من 24.6٪ إلى 23.7٪ وارتفعت نسبة العاملين بأجر من 63.4٪ إلى 65٪. و يتعلق ما تبقى بالأعضاء المساعدين الذين سجلت نسبتهم انخفاضاً طفيفاً. ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن هذه النسب تختلف قليلا، من ناحية عدد السكان النشطين اقتصاديا الذي يشمل العاطلين عن العمل و الذين بمعظمهم كانوا عاملين بأجر، بالإضافة للعاملين لحسابهم الخاص.

21. خلال فترة الأزمة تعزز اتجاه تركيز و مركزة الاقتصاد الرأسمالي اليوناني. فبعد دورة من عمليات الاندماج والاستحواذ، حيت تجمع عملياً اﻠ4 بنوك الشاملة الكبرى جميع الأنشطة المصرفية.

و يسجل في قطاع التجارة نمو كبير في حصة المجموعات التجارية الكبيرة، في قطاع الاتصالات، حيث تتحكم 3 مجموعات عملياً تماما بالسوق (ΟΤΕ, Vodaphone, Wind) كما و وقعت ثاني أقوى المجموعات على شراكة استراتيجية مع ثالثها.

و تُهيمن على قطاع الطاقة ثلاث مجموعات كبيرة في مجال الوقود و هي التي تسيطر تماما على تكرير النفط، في حين تقدم على نحو حاسم تمركز صناعة البناء والتشييد، حيث تنشط مجموعاتها الرئيسية أيضاً، في تنفيذ المشاريع الصغيرة.

و في صناعة المعادن، تسيطر أكبر مجموعتان تقريبا على 2/3 من هذا القطاع. حيث تجري تطورات مماثلة في قطاعات السياحة و الإطعام و المواد الغذائية والمشروبات.

22. حيث تتوقع الاتحادات الإمبريالية الدولية (منظمة التعاون والتنمية وصندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية)، كما و بنك اليونان، حضور تعافٍ في الاقتصاد اليوناني في الفترة 2017-2018، مع زيادة الاستثمار (باستثناء السكن)، و بإسهام من قانون جديد للتنمية مبني على التمويل الإتحادي الأوروبي، كما و من تسريع عمليات الخصخصة الهامة.

و تتوقع زيادة الصادرات السلعية نتيجة تحسين تنافسية الاقتصاد اليوناني، ونمو الخدمات (السياحة والشحن البحري)، وزيادة الاستهلاك المحلي نتيجة زيادة التشغيل والدخل وتحسين ظروف الائتمان.

إن عوامل اللايقين التي من الممكن أن تؤدي نحو نتائج أكثر سلبية، تتمثل في التدهور المحتمل في البيئة الاقتصادية الدولية و مسار الاتحاد الأوروبي بعد اﻠBrexit، و الأثر السلبي المحتمل على السياحة والتجارة من تفاقم مشكلة اللاجئين والوضع في منطقة شرق المتوسط، وتأثير السياسات الحكومية (زيادة الضرائب غير المباشرة، إثقال الشرائح الشعبية).

حيث تؤكد هذه الملاحظات عدم يقين التوقعات البرجوازية، ولا سيما إذا ما تفاقم وضع منطقة اليورو و تعزَّزت قواها النابذة.

ومن الجدير بالذكر أن ليس من السهل تنفيذ بعض الاستثمارات الكبيرة (مثل الموانئ و السكك الحديدية) في حال انتفاء و جود توافق متوسط الأجل بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الصين و روسيا، في المنطقة.

عن وضع الطبقة العاملة والشرائح الشعبية وسياسة الحكومة

23. كان الترتيب قد جرى قبل الأزمة بكثير للتدابير التي أدت إلى انقلابات كبيرة في علاقات العمل والأجور والاتفاقات الجماعية والمعاشات والمزايا الاجتماعية، وما إلى ذلك، عبر معاهدة ماستريخت وبشكل أكثر تحديدا منذ عام 1993 عبر "الكتاب الأبيض". أي أنها كانت متعلقة بالتالي بجميع دول الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك مستقلا عن مرحلة دورة إعادة الإنتاج الرأسمالي. حيث كانت عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية والإصلاحات المناهضة للعمال تخدم غرض تسهيل الربحية الرأسمالية على خلفية احتدام المنافسة الدولية. ومع ذلك، فإن من المسلَّم به هو زيادة راهنيتها بالنسبة للنظام الرأسمالي في أوقات الأزمات.

هذا و سُوِّق لهذا التخطيط الاستراتيجي على نحو هادف و منهجي وعلى المدى الطويل من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات البرجوازية في كل بلد. حيث وجدت هذه التدابير تطورها السريع والكامل، وخاصة في اليونان ابتداء من عام 2010، عبر ثلاث رزم (مذكرات) وعشرة قوانين تطبيقية لها، حيث تمثل منها حصراً ما هو تعلق بإعادة هيكلة حقوق العمال في (4 قوانين عام 2010، 2 عام 2012، و قانون واحد في أعوام: 2013، 2014، 2015، 2016 تباعاً).

حيث يجري الترويج في إطار استراتيجية موحدة ﻠ:

• سياسة موحدة نحو تخفيض حاد في الرواتب والأجور وتعزيز أشكال تشغيل بديلة وغير كاملة. إلغاء وقت العمل اليومي الثابت إلى حد كبير، و العمل الدائم في القطاع الحكومي وبعض أشكال التشغيل الأكثر استقرارا في القطاع الخاص، مع تغييرات واسعة النطاق في علاقات العمل، من خلال تعزيز مرونتها و مطاطيتها. إننا بصدد سياسات مندمجة في استراتيجية تحرير سوق العمل مع مرور الزمن و ضمن اتجاه تعديل رواتب و أجور العمل نحو مستويات منخفضة جدا تتشكل ضمن السوق الرأسمالي الدولي.

• سياسة موحدة للحد من الإمدادات الصحية والاجتماعية، و في المقام الأول فيما يتعلق بأنظمة الضمان الاجتماعي، عبر توسيع الخصخصة.

• تبني سياسات لإضفاء الشرعية على مكاتب النخاسة واستغلال المهاجرين باعتبارهم قوة عمل رخيصة و عتلة ضغط من أجل تحقيق تقليص إجمالي للرواتب والأجور.

• فرض قيود جديدة على الحق في الإضراب وعلى النشاط النقابي.

• زيادة مطردة في الضرائب غير المباشرة، مما يؤدي إلى زيادة في السلع الاستهلاكية الشعبية (كالكهرباء والغذاء والنقل، وما إلى ذلك).

و تشكل "استراتيجية أوروبا 2020"، التي تبناها المجلس الأوروبي في حزيران/يونيو 2010، تعميقاً لكامل الإطار المناهض للعمال الذي تم تشكيله. إن تلك التدابير، التي تهدف إلى جعل الاحتكارات الأوروبية و من بينها اليونانية، أكثر تنافسية، لا يعني قدرة هذه التدابير التغلب على تناقضات النظام، والتنمية الغير متكافئة، والتناقضات الإمبريالية البينية. و هو ما يظهر بوضوح في الاتحاد الأوروبي اليوم، حيث يطبق "الحكم الاقتصادي- و نصف العام الأوروبي" و يجري إعداد "الكتاب الأبيض" الجديد، التي سيتم الإعلان عنه في ربيع عام 2017، و الهادف جعل الاتحاد النقدي الأوروبي أكثر تحملاً ﻠ"هزات المستقبل".

هذا و سببت تداعيات الأزمة الاقتصادية و التدابير المناهضة للعمال، التي أدرجت ضمن المذكرات المعروفة و قوانينها التطبيقية، انقلابات عميقة أكثر رسوخاً، في ظروف معيشة و عمل الطبقة العاملة وتشكيلتها كما و في قطاع كبير من العاملين لحسابهم الخاص وصغار الملاكين في المدينة، و الريف. و توسعت صفوف الطبقة العاملة نحو أجزاء جديدة نظراً لخراب الشرائح الوسطى في المدينة والريف. حيث قاربت قطاعات أكثر من الشرائح الوسطى الطبقة العاملة، و تزايد عدد أشباه البروليتاريين. و في التوازي مع ذلك، تبدت زيادة في الهجرة، و لا سيما هجرة الشباب.

و قلصت إعادة هيكلة والأزمة من شريحة الأرستقراطية العمالية في القطاعين العام و الخاص كما و تقلص عدد موظفي الدولة. حيث لا يعني هذا تخلي البرجوازية عن الحفاظ على آليات تضليل الحركة العمالية و عن تجديدها وإنشاء آليات جديدة. كما و يتنامى تمايز هام، و تقسيم طبقي داخل الطبقة العاملة و على نحو أشمل ضمن العاملين بأجر، وهو ما يشكل القاعدة المادية للأرستقراطية العمالية.

24. و تؤكد البيانات الأخيرة الاتجاه التصاعدي للبؤس المطلق للطبقة العاملة. بعد الانخفاض الحاد في أجور العمل العام في الفترة من 2009-2012 من 85 مليار يورو إلى 66.1 مليار، و في الفترة 2012-2015 انخفض ليبلغ 59 مليار مسجلاً مزيداً من الانخفاض بلغ نسبة 10.7٪، في حين تجاوزت نسبة الانخفاض الإجمالي مقارنة بمستوى ما قبل الأزمة نسبة اﻠ30٪. و بالإضافة إلى انخفاض الأجور، فإن هذا الانخفاض الحاد في إجمالي رواتب العمال و الموظفين يعكس بطبيعة الحال ارتفاع البطالة خلال فترة الأزمة.

و استنادا إلى بيانات بنك اليونان، فقد انخفض دخل كل موظف بنسبة 7٪ عام 2013 و 2.1٪ عام 2014 و 2.7٪ عام 2015. و انخفض الراتب الإسمي لكل موظف من 24.3 ألف يورو عام 2012 إلى 21.8 ألفاً عام 2015، أي بانخفاض قدره 10.3٪، و هو ما يضاف للتخفيضات المطبقة في فترة 2010-2012 التي أوصلت متوسط الراتب الاسمي السنوية من 26.1 ألفاً إلى 24.3. و يتجاوز انخفاض متوسط الرواتب عند احتسابه بالأسعار الثابتة (بعد احتساب التضخم) أكثر من 20٪. واستنادا إلى بيانات مؤسسة الضمانات الاجتماعية، يصل انخفاض الحد الأدنى للأجور منذ عام 2010 نسبة 35٪.

و كانت القوة الشرائية لمتوسط الراتب الإجمالي في اليونان بالكاد تصل في عام 2014 نسبة 66٪ من متوسط القوة الشرائية لبلدان الاتحاد الأوروبي اﻠ15 الأكثر تقدما، مقارنة مع نسبة 82٪ عام 2009. و تتعاظم خسائر القوة الشرائية للعاملين بأجر، إذا ما أخذ في الإعتبار استنزافها الضريبي الجاري في السنوات الأخيرة. و مع الأخذ بعين الاعتبار لكل هذه العوامل، يمكننا التقدير بأن إجمالي خسائر مستوى معيشة العمال، يقارب و يلامس نسبة اﻠ50٪ خلال فترة الأزمة.

هذا و أسفر الهجوم على الحد الأدنى للأجور (تخفيض بنسبة 22٪ لمن تجاوز سن اﻠ25 و 32٪ للشباب تحت سن 25 عاما) عن إيصال مستوى أجور عام 2014 لتكون أقل بكثير من بدايات عقد اﻠ 1990.

و تفاقم قوانين السنوات الأخيرة و باستمرار من مستوى الراتب والدخل، الشعبيين، و معيشة الأسر العمالية الشعبية. وتعكس البيانات المقدمة، الصعوبات التي يواجهها العمال، كما و وضع الأجور وعلاقات العمل.

و يشكل العاملون براتب منخفض حوالي 60٪ من العمال. و على وجه محدد، وصلت نسبة العاملين براتب "صافٍ" تحت عتبة اﻠ1000يورو، 63.17٪. و يلاحظ في الوقت نفسه وجود انتقال نحو المستوى الأدنى في ما يتعلق بتصنيف العاملين على مختلف المستويات. حيث زادت نسبة العاملين براتب من 501 إلى 600 يورو بنسبة 13.24٪ 501- وبنسبة 10.56٪ للعاملين براتب من 601 إلى 700 يورو.

وفيما يتعلق ﺒ"حراك و مرونة" سوق العمل الناجم عن القوانين الأخيرة و الأزمة الرأسمالية، فنموذجي هو التالي: تجاوز في عام 2015 عدد عقود العمل التي أنهيت من جانب أرباب العمل مع " المغادرة الطوعية" و عقود العمل المؤقت المنتهية، إجمال عدد العاملين بأجر في العام ذاته.

إن علاقات العمل تتفاقم بوتائر شديدة السرعة. ففي عام 2015 تجاوزت نسبة "علاقات العمل المرنة" (العمل الجزئي والمتناوب) 55٪ من الوظائف الجديدة، في حين كانت تبلغ عام 2009 نسبة 29٪ و نسبة 45% عام 2012. و يشتغل حوالي 30٪ من العاملين في القطاع الخاص في عمل جزئي، بينما يعمل 20٪ منهم أقل من 20 ساعة في الأسبوع. و في أي حال، فإن أكثر من نصف التوظيفات التي تجري اليوم يتعلق بهذه الأشكال المرنة للتشغيل، مما يؤثر بطبيعة الحال على مستوى متوسط الأجور.

وقد انخفض متوسط استهلاك الأسر في اليونان بنسبة 25٪ في الفترة 2010-2014 ويصل حد اﻠ 1.460 يورو مقارنة مع 1.950 عام 2010. وخلال الفترة ذاتها لوحظ تباين واضح في سلوك تغذية الأسرة المتوسطة اليونانية. حيث تباينت على وجه التحديد كميات الأغذية المستهلكة (على سبيل المثال، انخفض استهلاك اللحوم و الأسماك بنسبة 12٪). و في عام 2015 تواجد 40٪ من السكان في وضع حرمان مادي، و هو ما يزيد بشكل ملحوظ مقارنة مع نسبة اﻠ24٪ المسجلة عام 2010.

و انخفض معدل البطالة الإجمالي بنحو طفيف خلال السنوات الأربع الماضية، مع بقائه مرتفعاً للغاية. حيث بلغ عام 2015 نسبة 24.9٪ مقارنة ﺒ27.5٪ عام 2013 و 26.5٪ عام 2014. و لا يزال عدد العاطلين عن العمل مرتفعا جدا، ويصل اﻠ1.2 مليون. في حين مرتفع جداً هو معدل البطالة في الفئات العمرية الأصغر سنا (15-29) حيث يتجاوز نسبة اﻠ40٪. و في الوقت نفسه ازدادت على نحو كبير نسبة العاطلين لفترات طويلة (أي العاطلين عن العمل لأكثر من 12 شهرا). في عام 2015 كان عدد العاطلين عن العمل على المدى الطويل 875 ألفاً، أي 73.1٪ من مجموع العاطلين عن العمل، في حين كانت النسبة ذاتها في عام 2012، تصل 59٪ من العاطلين عن العمل. هذا و تسجل النساء معدلات بطالة أعلى من الرجال. حيث بلغت نسبة البطالة بين النساء عام 2015، 28.9٪ مقابل 22٪ من الرجال. و ازداد معدل البطالة بين النساء مقارنة بنسبتها عام 2012 التي كانت 28.1٪، ليصل عددهن إلى 618 الفاً.

25. و يؤكد التقرير الأخير لبنك اليونان موقف الحزب الشيوعي اليوناني أن تحسين التنافسية وسياسة لخروج من مرحلة الأزمة استندا و سيستندان على "تكاليف الأجور المنخفضة و على الإطار المؤسسي الذي يدعم المرونة في سوق العمل " أي على قوة العمل الرخيصة.

و تبرز رابطة الصناعيين اليونانيين بثبات أولوياتها من أجل التنفيذ السريع والفعال لبرنامج المذكرة الثالثة وتسريع عمليات إعادة الهيكلة والخصخصة، و تقليص ما يسمى ﺒ"التكاليف الغير مباشرة"، وتوفير قدر أكبر من الحوافز الضريبية لجذب استثمارات خاصة. و إجمالاً، هناك اتساق بين البرجوازية المحلية (رابطة الصناعيين اليونانيين، اتحاد ملاك السفن اليونانيين، اتحاد بنوك اليونان) و بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي نحو اتخاذ تدابير تزيد من درجة استغلال الطبقة العاملة و من هدم حقوقها و دخلها.

وعلى الرغم من الخلافات القائمة بين مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يجري تطبيق الخطوط الرئيسية لهذه السياسة بحزم في كل مكان، حيث نموذجية على ذلك، هي التدابير الأخيرة المتخذة في فرنسا وإيطاليا.

26. و تبرز حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين دعاية قائلة باتباعها اتجاهاً مختلفاً نحو إعادة بناء إنتاجي رأسمالي للبلاد، مقارنة مع الحكومات السابقة. و تُبرز مقترح "التنمية العادلة"، الذي يتضمن عناصر جديدة مزعومة في مجال الابتكار والجودة، واستخدام المعرفة العلمية والتكنولوجيا المتخصصة في صالح زيادة الإنتاجية، واستخدام الدولة البرجوازية المعاد بنائها كرافعة للتنمية و على نحو رئيسي في "تعزيز المجتمع والسوق".

حيث تخفي الحكومة أن استغلال كِلا المعرفة العلمية والابتكار لزيادة الإنتاجية، لا يُستخدم ضمن الرأسمالية لتحسين وضع العمال (زيادة الدخل و تقليص وقت العمل)، بل من أجل زيادة أرباح رأس المال. حيث يُثبت ذلك من واقع زيادة عدم المساواة في الدخل و على نحو سريع، حتى في الدول التي تتربع في مواقع قيادية في استغلال التكنولوجيا الجديدة في الإنتاج و لا تتواجد في مرحلة أزمة، كبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.

إن الحقيقة هي أن سياسة الحكومة لن تقود إلى الانتعاش الجزئي من الخسائر الكبيرة التي أصابت الشرائح الشعبية خلال فترة الأزمة، بل أيضاً، ستفاقم من وضع الشعب. و في التوازي مع ذلك، تخفي الإعلانات الحكومية حول الحكم الناجز، بأن الدولة البرجوازية موظفة في صالح رأس المال وبالتالي، فإن التعديلات التي أدخلت عليها تعمل على زيادة فعالية الوظيفة المذكورة. حيث يُخدم هذا الهدف، من جهة عبر الإستنزاف الضرائبي الكبير للشعب و خفض إنفاق السياسة الاجتماعية، و من جهة أخرى عبر دعم الدولة للمجموعات الاقتصادية المحلية و للربحية الرأسمالية، إجمالاً.

إن الأمثلة النموذجية على تصعيد الهجمة المناهضة للشعب، هي زيادة الضرائب غير المباشرة، و تخفيض عتبة الإعفاء من الضرائب، والحفاظ على ضربية العقارات، والحد من المعاشات التقاعدية، وزيادة مساهمات العمال في نظام الضمان. أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، فتترافق الزيادة الكبيرة في أعباء الضمان الاجتماعي مع انخفاض حاد في قيمة دورة أعمالهم، الذي أدى إلى تدهور كبير في موقعهم. و على النقيض من ذلك، تساهم المجموعات الإحتكارية بأقل من 5٪ من عائدات الضرائب السنوية، حيث تمهد الحكومة لمنح مساعدات جديدة لها من خلال "قانون التنمية".

حتى أن أي انتعاش سيسجل لن يقوم بامتصاص البطالة ولن يعيد مكاسب الطبقة العاملة و حقوقها الأساسية التي انتزعت في القرن اﻠ20، إلى مستوى ما قبل الأزمة.

و تحطم جملة التطورات الوهم القائل بإمكانية إدارة الرأسمالية على نحو صديق للشعب حيث تتسق زيادة ربحية رأس المال مع رفاه العمال و صغار الكسبة. و تثبت استحالة وجود سياسة في صالح الشعب "داخل جدران" سلطة رأس المال و داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

عن مسار إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي

27. تجري عملية إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي، تحت تأثير كبير للتطورات الدولية و للتناقضات  الإمبريالية البينية و صعوبات تماسك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي والنقدي، و تناقضات شبكة التحالفات الدولية التي تسعى لتحقيقها، طبقة اليونان البرجوازية في سياق محاولتها إدارة انتقالها نحو مرحلة التعافي بعد الأزمة التي استمرت لثمان سنوات في الفترة 2008-2016.

حيث تتوافق القوى الرئيسية في النظام السياسي البرجوازي حول الأهداف الاستراتيجية للطبقة البرجوازية، و هي المتعلقة و بإيجاز بالمسائل التالية:

• مسار تعافي الاقتصاد الرأسمالي.

• محاولة ترقية الموقع الجيواستراتيجي للبلاد باعتبارها عقدة للتجارة و للطاقة.

• زيادة دورها الفاعل في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

• إعادة الإعتبار لمواقع الطبقة البرجوازية اليونانية، التي تلقت ضربة في جنوب شرق أوروبا وشرق المتوسط خلال السنوات السابقة ضمن الأزمة.

حيث لا تشكك الآراء المختلفة بين الأحزاب البرجوازية حول قضايا إدارية جانبية بعناصر أساسية، كضرورة الإسراع في عملية إعادة الهيكلة المناهضة للشعب، و المشاركة الأكثر عمقا في مخططات منظمة حلف شمال الأطلسي، و ضرورة التيسير المالي ودعم الدولة لمخطط استثمار رأس المال وما إلى ذلك.

و بالتأكيد، لا ينبغي أن تخفي هذه الأهداف الموحدة و التطابق الإستراتيجي، التناقضات المتواجدة داخل الطبقة البرجوازية و هي التي تتخلل جوهريا، كافة الأحزاب البرجوازية. إن هذه التناقضات -التي تتفاقم موضوعياً- هي متعلقة على حد السواء بأولويات دعم قطاعات الاقتصاد الرأسمالي، كما و بتراتبية أولويات التحالفات الدولية لرأس المال. و على هذا النحو، تتواجد قطاعات من البرجوازية اليونانية أقرب إلى المركز الألماني، و غيرها أقرب إلى الولايات المتحدة أو فرنسا (التي رقَّت من نفوذها في البلاد) و سواها إلى الصين وروسيا و غيرها.

عن القوى السياسية في اليونان

28. لقد ثبت خلال العامين الماضيين، بأن حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين، هي أكثر فعالية بالنسبة لرأس المال، و للطبقة البرجوازية إجمالاً، ولكن أيضا بالنسبة لحلفائها الدوليين الرئيسيين. إن ما تعترف به الطبقة البرجوازية و حلفائها الأجانب ، ليس فقط حزم حكومة تسيبراس التشريعي المناهض للشعب ضمن دعم الربحية الرأسمالية (ميزة هي في الواقع مشتركة بين جميع الأحزاب البرجوازية)، بل و قدرتها على تعميد "السمك كلحوم". إنهم يعترفون بقدرتها على التخفيف من حدة المقاومة الشعبية، عبر إبراز تمايزها الأيديولوجي عن حزب الجمهورية الجديدة، و على دمج الشرائح الشعبية ضمن النظام و تضليلها وخداعها على نحو جماهيري و متعاقب، و هو ما جرى بعد عام 1981 من خلال استلام حزب الباسوك للحكم لأول مرة.

هذه هي "الورقة" الأساسية التي تلعبها وتستغلها حكومة سيريزا في مواجهتها مع الأحزاب البرجوازية الأخرى. و من المؤكد، أن هذه المحاولة تفاقم من التناقضات داخل سيريزا، على الرغم من عدم تمظهرها بذات حدة تبديها في صيف عام 2015.

و في التوازي مع ذلك، يطور سيريزا محاولة توسُّع نحو حيز يسار الوسط، مستغلاً ورقة تعاونه مع الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية. ومع ذلك، تصطدم هذه المحاولة مع المزاحمات القائمة داخل الاشتراكية الديمقراطية وخاصة ضمن حزب الباسوك الذي كان حاملها الأساسي على مدى عقود في اليونان. فعلى سبيل المثال، تتغذى هذه المزاحمات من واقعة عدم تمكن سيريزا من امتلاك نفوذ نقابي و موطئ قدم قوي في العديد من المواقع، في حين، يحافظ حزب الباسوك، على العكس من ذلك، على موطئ قدم مماثل ضمن قطاعات من الأرستقراطية العمالية و من الفئات الوسطى. حيث وعلى الرغم من هذه المزاحمات، يجري الحفاظ على قنوات مختلفة ضمن منظور تشكيل حكومة في المستقبل، عبر توسيع الأغلبية الحاكمة نحو ما يسمى ﺒ"الوسط"، عبر وصمة أكثر وضوحاً ﻠ"يسار الوسط" مع التخلي عن التعاون مع حزب اليونانيين المستقلين.

هذا و خطِرٌ بشكل خاص هو تكتيك الحكومة الذي يتاجر بالتاريخ و بنضالات الحركة العمالية الشعبية، على نحو مبتذل، عبر ظهورها كقوة شيوعية تقريباً، و هو التكتيك الذي يُعزز بشكل منتظم من قبل باقي الأحزاب البرجوازية كما و من وسائل الإعلام. حيث تساعدها هذه العباءة الأيديولوجية على الإطباق على العمال الذين يشعرون كيساريين و لهم ميراث كفاحي. و يتمثل أحد عناصر هذه المحاولة في السعي للمتاجرة بمقاومة جبهة التحرير الوطني و بكفاح الآلاف من الشيوعيين واليساريين و غيرهم من الجذريين. و في الوقت نفسه، تسعى الحكومة، دون صدق منها إلى إجراء بعض عمليات التحديث البرجوازي، مع الدعاية لها على نحو مزوَّرٍ باعتبارها جذرية و انقلابية.

29.. يخوض حزب الجمهورية الجديدة، المعارض حالياً، معركة لكي يُعترف به كإقتراح حل حكومي ثابت ممتلك لقدرات الالتزام الأكثر ثباتاً بأهداف رأس المال. حيث يضع في قلب مواجهته مع الحكومة، الموقف من عملية إعادة الهيكلة و الإصلاحات، والتأخيرات الحاصلة فيها، كما وتسريع تنفيذها. ومع ذلك، يبدو أنه لا يزال غير ممتلكاً لإمكانية توظيفه كخيار بديل فوري لحكومة سيريزا.

هذا و تجري محاولة شديدة خلال الفترة الأخيرة لترسيخ ثنائية قطبية جديدة في النظام السياسي، حول نواة أساسها حزب سيريزا من جهة، و الجمهورية الجديدة من جهة أخرى، مع ما يلزمه من شركاء حكوميين مُتاحين يدورون في فلكي هذين القطبين. حيث يحتدم صراعهما حول ماهية من سيكون منهما المعبر الأصيل عن رأس المال، و ماهية من سينفذ على نحو ناجز أكثر، سياسة إعادة الهيكلة الرأسمالية و توجيهات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، واللجنة الرباعية إجمالاً، المناهضة للشعب.

وفيما يتعلق بالحيز الاشتراكي الديمقراطي، فإن ظهور سيريزا باعتباره ركيزته الأساسية في البلاد كما والاعتراف به من قبل الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية، يخلق صعوبات كبيرة في محاولات إعادة صياغة ما يسمى ﺒ"يسار الوسط"، الذي يحتوي على الاشتراكية الديمقراطية الكلاسيكية لحزب الباسوك، و حزب النهر وغيرها من التشكيلات السياسية الأصغر. ونظرا للصعوبة الحالية لهذا الحيز في لعب دور أكثر استقلالا، يجري ضمنه صراع و تذبذب حول ما إذا كان سيكون بمثابة قطب ثالث، كمحاور متميز لسيريزا أو لحزب الجمهورية الجديدة.

حيث يتواجد اتجاهان مختلفان:

• هناك من جهة اتجاه نحو تعاون مشروط مع سيريزا، تشترط قيام استدارة أكثر جوهرية للأخير تتجسد في اختيار الأشخاص. حيث يبدو أن هذا الاتجاه يُعزز من قبل دوائر الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية.

• ومن جهة أخرى هناك نزوع لصالح  ضرورة تحالف القوى الأوروبية والإصلاحية، التي تشمل حزب الجمهورية الجديدة تحت قيادة كيرياكُس ميتسوتاكيس.

30. يتواجد "التيار المشكك بالإتحاد الأوروبي" في اليونان حاليا قيد التشكُّل. إن المزاج المشكك بالإتحاد الأوروبي، و على الرغم من وجوده ضمن قوى شعبية أوسع و تمظهره في سلسلة عناصر اتجاهات تشكيكية بالاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي والنقدي (بما في ذلك خلال استفتاء تموز/ يوليو 2015) فهو لم يكتسب بعد سمات سياسية ثابتة، و يتسم بالتناقض.

و تتحرك في هذا الاتجاه قوى متواجدة، ضمن جملة الطيف السياسي للنظام السياسي البرجوازي. حيث يسعى حزب "إبحار الحرية" بقيادة زويي كونستاندوبولو دوراً رئيسياً، كما و الفضاء الانتهازي المعبر عنه في "الوحدة الشعبية" و أندارسيا مع بعض التشكيلات الأصغر التي تدور في فلكها. حيث تقوم هذه الأحزاب والجماعات بتمويه تشكيكها بالاتحاد الأوروبي -مع تدرج بينها- ببعض شعارات مناهضة للرأسمالية مسهمة في تعزيز التضليل و الإطباق على عناصر جذرية محتملة ضمن نسخة إدارة برجوازية. و إجمالاً، نحن بصدد قوى تسعى لتكون بمثابة ساتر في وجه تجذير القوى الشعبية و تماشيها مع الحزب الشيوعي اليوناني، و ذلك، عبر اعتمادها جوهرياً على مواقف و ممارسات امتلكها سيريزا سابقاً، عندما كان لا يزال في المعارضة. حيث كان العديد من هؤلاء في صفوف سيريزا، و ساعدوه على التسلق نحو سلطة الحكم، و خدموا من موقع وزراء في السلطة الحكومية أو كعوامل مؤسساتية منتخبة ساهمت بأسلوبها الخاص، في تقديم ذرائع لفرض السياسات القاسية المناهضة للعمال، زارعين للأوهام على نحو واسع.

31. وهناك أيضا القوى التي انشقت عن حزب الجمهورية الجديدة و التي تتحرك في فضاء "التشكيك بالإتحاد الأوروبي". حيث لا يجب الاستهانة بالتفاعلات الجارية ضمن ما يسمى باليمين المتطرف، على الرغم من سمتها الهامشية حالياً (على سبيل المثال تشكيل"الاتحاد اليوناني الوطني الشعبي" من قبل الكوادر السابقة في منظمة "الفجر الذهبي"، و حزب فايلوس كرانيذيوتيس "اليمين الجديد" و حزب" الوحدة القومية" ليورغوس كارانتزافيريس و بالتاكوس و "رابطة الوحدة القومية "من قبل فيلوبولوس و "الخط الأول" من قبل بلِفريس " و "الجبهة القومية "، و حزب أرتميس سوراس " تجمع اليونانيين " و غيرها).

إن هذا الفضاء متواجد في مرحلة تشكل، حيث ستعتمد نتيجتها النهائية على قرار محاكمة منظمة "الفجر الذهبي" الإجرامية النازية و على التفاعلات الجارية في قطاعات من حزب الجمهورية الجديدة.

و يستمر المتهمون المجرمون النازيون من أعضاء "الفجر الذهبي" باعتبارهم قوات إسناد للنظام، في بث السم العنصري و في تصدرهم ممارسة عداء بدائي للشيوعية. حيث يمتلكون ارتباطات متنوعة و مشبوهة مع مراكز ودوائر خارج اليونان، و مع دوائر مظلمة. و يتظاهرون داخل البرلمان بأنهم قوة معادية للنظام، و في نفس الوقت يطالبون بالمزيد من الامتيازات والإعفاءات لصالح قطاعات من رأس المال و يواصلون نشاطهم كنخاسين في صالح كبار أرباب العمل.

و يؤكد التناقض الظاهري، بين واقعة كون كامل قيادة "الفجر الذهبي" ملاحقة جنائياً و بين قبولها كحزب برلماني برجوازي محترم، أن الطبقة البرجوازية تريد نسخة احتياطية بخصائص "الفجر الذهبي"، ولكن على نحو أكثر اعتدالاً، ليتم استخدامها بشكل أكثر فعالية في ضرب الحركة العمالية و في العداء للشيوعية.

ومن السمات المشتركة بين النازيين والقوى السياسية القومية الأخرى هو الاستغلال الكبير لتدفقات اللجوء و الهجرة كما و للقلق الذي لحق بقطاعات من الشعب نتيجة ذلك، لإلهاء الشعب عن السبب الحقيقي للمشاكل و لنشر رؤاهم الرجعية.

32. و إجمال الخلاصة: هو أن هو مسألة مصيرية تتمثل في قيام مواجهة أكثر حسما للدعاية البرجوازية المصاحبة لمحاولة إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي التي تستهدف انتزاع الدعم الشعبي النشط لها.

كما و معالجة الأوهام و التوهمات التي غذيت بشكل منهجي، و هي القائلة بأن من خلال عملية إنشاء أحزاب جديدة وتحالفات حكومية، بالإمكان ظهور شيء إيجابي في صالح الشعب. حيث كل الأحوال، متواجدة هي الخبرة الغنية من عملية إعادة الصياغة الأخيرة التي جرت عبر عملية إبراز سيريزا كاحتياطي حكومي للنظام.

ومن الضروري أيضا معالجة الخوف المزروع في ما يتعلق بإمكانية عدم الاستقرار السياسي، والقلق حول وجود حكومات برجوازية مستقرة و أغلبية برلمانية، و الدعوات نحو التوافق والتماسك. إن كل هذه الأمور تستهدف إبداء العمال تسهيلاً في موقفهم- بذريعة الوحدة الوطنية- لمرور السياسة المناهضة للشعب، و ليقوموا و عن جديد "بإسناد" حتى تغييرات مؤسساتية في اتجاه رجعي.

حول التعديل الدستوري

33. في ذروة عملية التعديل الدستوري، قدم سيريزا سلسلة من مقترحات الإصلاحات المؤسسية للدولة البرجوازية، مع عناصر أساسية حول تغيير القانون الانتخابي وزيادة سلطات رئيس الجمهورية بالتوازي مع إمكانية انتخابه مباشرة من قبل الشعب. إننا بصدد مداخلات تُلبس لبوساً مزوراً و بدعاية ﻠ"توسيع الديمقراطية" في حين، مستهدفة هي حماية الدولة البرجوازية وضمان ظروف قيام التداول الحكومي على نحو سلس. كما و تهدف مقترحات الأحزاب البرجوازية الأخرى، أيضا إلى تعزيز السلطة البرجوازية، على الرغم من خلافاتها.

إن هذه التدخلات تُكيِّف النظام السياسي البرجوازي مع المعطيات الجديدة الناشئة عن الأزمة الرأسمالية، و عن صعوبات الإدارة والحاجة الملحة لتسريع وتسهيل مساعدة الدولة للربحية الرأسمالية على حساب الشرائح الشعبية. حيث أضعفت هذه الأخيرة من قدرة الأحزاب البرجوازية على احتواء الشرائح الشعبية جماهيرياً في ظل حكومات الحزب الواحد، و تزيد من ضرورة تحقيق إجماع أوسع بين الأحزاب البرجوازية لصالح إقامة حكومات ائتلافية. إن ما ذكر، متواجد إلى حد كبير خلف مسار طويل لعمليات إعادة ترتيب وتكييف للنظام السياسي البرجوازي ضمن الظروف الجديدة.

و في هذا الاتجاه، فإن زيادة درجة النسبية في قانون الانتخابات لا يخدم تعزيز الإرادة الشعبية، بل محاولة توظيفها كمسرع لتكييف النظام السياسي البرجوازي مع الحاجات الحالية لتشكيل حكومات ائتلافية، و ائتلافات كبيرة أو صغيرة، كتلك التي يتم تشكيلها في بلدان رأسمالية أخرى، كألمانيا وبلجيكا و غيرها. إن النسبية تزيد بموضوعية الضغط نحو توافق واسع و تعاون بين الأحزاب البرجوازية و للتخفيف من الاعتبارات و النوايا"الحزبية الضيقة".

وينطبق الشيء نفسه على اقتراح لتعزيز دور رئيس الجمهورية، وزيادة صلاحياته المعيارية في حالات صعوبة تشكيل الحكومات وتحويله إلى نقطة مرجعية للنظام السياسي البرجوازي ستنظم الأغلبية الحكومية والإجماع البرلماني. و على هذا النحو يُرقى رئيس الجمهورية نسبيا، كمصدر شرعنة السلطة التنفيذية و كأحد ثوابت الحكم البرجوازي، دون فقدان البرلمان لدوره الأساسي.

و في كل الأحوال، سيغدو النظام السياسي البرجوازي أكثر عدوانية باضطراد، ليخدم حاجات رأس المال و تنافسيته و ربحيته على نحو أكثر نجاعة. 

على نحو خاص فيما يتعلق بفصل الدولة عن الكنيسة

34. تغيب حتى الآن عن التعديل الدستوري المقترح من قبل سيريزا، تماماً، مسألة فصل الدولة عن الكنيسة. حيث تفتح الحكومة -ذراً للرماد في أعين الناس الراديكاليين- مسائل مواجهة جانبية مع قيادة الكنيسة، التي تنزلق خلال هجومها المضاد نحو مواقف ظلامية تنتمي لفترات السابقة من وجود الدولة البرجوازية اليونانية.

يعتقد الحزب الشيوعي اليوناني بأن مسألة الفصل بين الدولة و الكنيسة هي شديدة النضوج في اليونان، مع كل ما يترتب على ذلك في مجالات التعليم والإجراءات الطقسية في المؤسسات العامة، والزواج المدني، و الجنازة المدنية، و إمكانية حرق الموتى، و قضية ممتلكات الكنيسة.

هذا و كان فصل الدولة عن الكنيسة وعلمنة الدولة و التعليم و جميع المؤسسات، قد أجري في العديد من البلدان من قبل الطبقة البرجوازية و دولتها، حتى قبل ثورة أكتوبر عام 1917 و قبل ظهور الدول الاشتراكية خلال القرن الماضي.

سيواصل الحزب الشيوعي اليوناني الكفاح و باستمرار ضد كل محاولات تقسيم الشعب على أساس المعتقدات الدينية. إن الوعي الديني هو شكل من أشكال الوعي الاجتماعي في المجتمعات الطبقية و في ظروف النظام الرأسمالي، و يبقى على قيد الحياة لفترة طويلة جدا في ظروف بناء الاشتراكية. و لا يمكن إلغائه عبر مرسوم أو قانون.

إن الموقف التاريخي للحزب الشيوعي اليوناني حول هذه المسائل، يكمن في البداية في حماية حق الحرية الدينية وعدم اضطهاد الإيمان الديني أو الإلحاد والمساواة في المعاملة بمعزل عن الديانة. و في الوقت نفسه، يدافع الحزب الشيوعي اليوناني عن ضمان إمكانية النقاش الأيديولوجي - الفلسفي حول القضايا ذات الصلة على حد سواء مع الدين كظاهرة اجتماعية كما و مع الأديان الأخرى وتاريخها. حيث يُداخل الحزب الشيوعي اليوناني في هذه المناقشة ممارساً كفاحاً منظماً ضد اللاعقلانية والتفكير الميتافيزيقي، مدافعاً عن التفسير الجدلية للطبيعة والمجتمع و عن المادية الجدلية التاريخية.

عن الإدارة المحلية والإقليمية

35. إن الإدارة المحلية والإدارة الإقليمية كمؤسسة للدولة البرجوازية، هي منظمة موضوعيا على نحو أقرب إلى الجماهير العمالية الشعبية، حيث لعبت طوال فترة الأزمة الرأسمالية دورا هاما في احتواء العمال ضمن حاجات النظام البرجوازي. حيث كيفت وظائفها وفق المعطيات الجديدة لربطها بالإدارة المركزية (الحكومة) بشكل يخدم على نحو موحد الاستراتيجية العامة لرأس المال مع دمج و احتواء الجماهير العمالية الشعبية من خلال مختلف البرامج والتدخلات. و ضمن هذه المحاولة استغل على نحو موسع محور السياسة الاجتماعية، ومختلف برامج الأخرى الاتحادية الأوروبية ﻠ"محاربة الفقر والبطالة". و شُكلت العديد من أنواع البنى، سواء بشكل مستقل أو بمؤازرة المنظمات غير الحكومية والمتطوعين و "التعاونيات الاجتماعية" و غيرها، المندرجة في "سياسة الاقتصاد الاجتماعي". حيث يلعب سيريزا، مع قواه الحكومية والحزبية، دورا قياديا في هذا الاتجاه.

حيث ساهمت الإصلاحات في الإدارة الإقليمية والمحلية في الانضباط المالي، وتوسيع الضرائب المناهضة للشعب و تسليع الخدمات والمنافع، و إسقاط العلاقات و الحقوق العمالية. و هي مدعومة إجمالاً من قبل الكادر السياسي البرجوازي الذي يديرها.

و لا تزال قائمة ضرورة تحسين رصد أعمق لنشاط السلطات البلدية والإقليمية والقوى السياسية البرجوازية ضمنها. حيث يتمثل أساس المواجهة مع سياسة الإدارة المحلية والإقليمية، في المشاكل الشعبية و حدتها المتجلية وقت هجمة رأس المال، و في إبراز السمة الطبقية للدولة و للمؤسسات المحلية.

عن "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل"

36. يقوم النظام السياسي البرجوازي، بإبراز "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل"و التركيز عليه بصفة خاصة خلال السنوات الأخيرة، باعتباره "القطاع الثالث" للاقتصاد، بعد قطاع الدولة والقطاع الخاص، و هو الذي يُقدم على أنشطة يُزعم أن هدفها لا يتمثل بالربح بل بتغطية احتياجات الاجتماعية متفاقمة.

حيث يُسعى عبر "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل" ﻠ"تبرئة" مسار التطور الرأسمالي عبر إظهار إمكانية مزعومة لأنشطة اقتصادية تقوم في ظل الرأسمالية، يكمن هدفها الوحيد في تغطية الاحتياجات الاجتماعية. إنه مصطلح مضلل من جهة، لأن كلا قطاعي الدولة والقطاع الخاص يخدمان ضمن الرأسمالية حاجات إعادة الإنتاج الموسع لرأس المال الاجتماعي، و من جهة أخرى، لأن أي نشاط خاص غير مستهدف للربح فوق أرضية الرأسمالية، ليس ذي أية أهمية اقتصادية.

و يُستغل "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل" من قبل الدولة البرجوازية باعتباره آلية تقليص أبعد للمزايا الاجتماعية التي تقدمها الدولة، و لنقل المسؤولية عن سلسلة من الأنشطة نحوه. عبر مطية رئيسية تتمثل بالبلديات والأقاليم، حيث يُسهم "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل"في المقام الأول في تبرئة ريادة الأعمال. و يتطور بين أمور أخرى، في مجالات الخدمات الاجتماعية، ليحل محل ضرورة توظيف جماعي لكادر دائم، ولكن أيضا لتدابير الدعم الإضافية للعاطلين عن العمل. كما و يسهم في إزالة حقوق عمالية وغيرها من حقوق العاملين، وذلك باستخدام "التطوع" الذي لا يمت بصلة للتضامن الشعبي و للعطاء الطوعي الأصيل.

وفي الوقت نفسه، فإن "الاقتصاد الاجتماعي" ليس متعلقاً حصراً بالمنافع الاجتماعية، ولكنه يتوسع من خلال "الشركات التعاونية الاجتماعية" في العديد من قطاعات الاقتصاد (كالبناء)، ويستخدم كآلية مؤقتة لتنفيس معدلات البطالة المرتفعة. و في الجوهر فإن "الاقتصاد الاجتماعي" يوظف كرافعة إضافية لتقويض علاقات العمل وزيادة درجة الاستغلال، عبر العمل "التطوعي"، و ساعات العمل الطويلة مع أجورا متدنية للعاملين ضمنه، بذريعة "الطابع الاجتماعي" لهذه الأنشطة. و ضمن إطار الاتحاد الأوروبي يُشكل "جسم التضامن الأوروبي" الذي يضم 100 ألف متطوع ﻠ"مواجهة أزمات" الدول الأعضاء.

و إجمالاً، تتأكد موضوعة الحزب القائلة بأن النظام السياسي البرجوازي لا يزال ممتلكاً لقدرة رأب الصدوع، في تماثل مع درجة عدم تهديد الحركة له بتنظيمها على نحو موحد، و جماهيريتها و اتجاه صراعها. إن الاستنتاج الرئيسي هو وجوب التوجه المتكامل لصراع الحركة العمالية الشعبية ضد الطبقة البرجوازية و أحزابها، وليس فقط ضد كل أغلبية حاكمة، ظرفياً.